للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "يحب الوتر" قال عياض (١): معناه: أن الوتر في اللغة بضد الشفع في أسمائه؛ لأنه دال على الوحدانية في صفاته، وقيل: لأنه أمر بالوتر في كل شيء كالصلوات الخمس والطواف وأعداد الطهارة، وفي المخلوقات؛ كالسماوات السبع والأرض.

قوله: "وفي رواية: من أحصاها دخل الجنة".

قلت: لفظ: "حفظها" و"أحصاها" كلاهما للشيخين، فالآخر لمسلم.

قال الخطابي (٢) - ما معناه -: الإحصاء في مثل هذا يحتمل وجوهاً، أحدها: أن يعدها حتى يستوفيها، يريد أن لا يقتصر على بعضها، بل يدعو الله بها كلها ويثني عليه بجميعها، فيستوجب الموعود عليها من الثواب.

ثانيها: المراد بالإحصاء الإطاقة، كقوله: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} (٣)، ومنه حديث: "استقيموا ولن تحصوا" (٤)، أي: تبلغوا [٤١٦ ب] كنه الاستقامة.

والمعنى: من أطاق القيام بحق هذه الأسماء والعمل بمقتضاها، وهو أن يعتبر معانيها فيلزم نفسه اعتقادها، فإذا قال: الرزاق؛ وثق بالرزق، وكذلك سائر الأسماء.

ثالثها: المراد بالإحصاء: الإحاطة بمعانيها، من قول العرب: فلان ذو حصاةٍ، أي: ذو عقل ومعرفة.


= وانظر: "الاعتقاد" للبيهقي (ص ٦٨).
(١) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٨/ ١٧٧) بتصرف من الشارح.
(٢) ذكره الحافظ في "فتح الباري" (١١/ ٢٢٥).
(٣) سورة المزمل: ٢٠.
(٤) أخرجه أحمد (٥/ ٢٧٦ - ٢٧٧)، وابن ماجه رقم (٢٧٧) من حديث ثوبان قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن". وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>