للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلَّهَا} (١)، ولذا يفسرون علم المخلوق بالصورة الحاصلة في الفعل وعند الفعل ولا يدخل علمه تعالى فيه.

فإذا عرفت هذا وأردت تفسير صفة من صفاته تعالى [٤٢٠ ب] وجب عليك إمعان النظر وإتعاب الفكر والإتيان بما تظن أنه المراد بمعناه بالنظر إلى عظمة من اتصف به، ورفعة شأنه ومخالفته للموصوفين في كل شيء مع ملاحظة المعنى اللغوي؛ لأن أسماءه عربية، وهي من القرآن وهو عربي، ولذا ذهب المحققون من أئمة الدين إلى أنها لا تكيف صفاته تعالى، بل نؤمن بها ونصدقها ولا نكيفها؛ لأنه لا يعرف كيفية تعلق الصفة بالموصوف إلا من عرف كنه الموصوف، والله يقول: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (١١٠)} (٢) نفياً عاماً، وقال في نفي إحاطتهم بعلمه: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} (٣) فاستثنى وقال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (٤) نفي عام أيضاً.

فإن قلتَ: كيف يخاطبهم بصفة لا يعرفون كيفية تعلقها به؟ وأي فائدة في ذلك؟

قلتُ: هذا شيء كثير في المخاطبات وفي كلامه تعالى، مثل خطابهم لهم بأحكام النفس والروح، وهما متعلقان بالمخاطبين ولا يعرفون ماهيتهما، ولا كيفية تعلقهما بهما، ويذكر لهم


(١) سورة البقرة: ٣١.
(٢) سورة طه: ١١٠.
(٣) سورة البقرة: ٢٥٥.
(٤) سورة الشورى: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>