للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "فطر السماوات" أي: ابتدأ خلقهما على غير مثال سابق، وجمع السماوات ووحد الأرض، وإن كانت سبعاً كالسماوات؛ لأنه أراد جنس (١) الأرضين وجمع السماوات لشرفها.

قيل: وهو يؤيد المذهب الصحيح المختار الذي عليه الجمهور: أن السماوات أفضل من الأرض، وقيل: الأرض أفضل؛ لأنها مستقر الأنبياء، وهو ضعيف. انتهى.

قلت: وهذا التفضيل من الفضول. ولو قيل: إن الأرض أفضل بالنظر إلى بني آدم لأن فيها خلقوا، وفيها لله يعبدوا، وفيها يعيدهم الله.

والسماوات أفضل، بالنظر إلى الملائكة؛ لأنها محل عباداتهم، وأمرهم وبلاغهم الوحي منها إلى العباد لكان قريباً.

والحاصل: أن التفضيل إن كان على الذوات فلا يتم حتى تعرف صفات كل واحدة الخاصة بها، ولا يعرف إلا بالوحي، أو باعتبار ما يقع فيها من العبادة، فلا ريب أن السماوات لا تقع فيها معصية، والأرض موضع المعاصي ومستقر الشياطين وقرار الكفر بالله والشرك، فالسماوات أفضل مطلقاً، وكأنه الذي لاحظه الجمهور.

قوله: "حنيفاً" (٢) قيل: مستقيماً [٦ ب].

وقال الاكثرون: مائلاً، وهو المائل إلى الحق هنا.

وقال أبو عبيد (٣): الحنيف عند العرب: من كان على دين إبراهيم - عليه السلام -، وانتصابه على الحال.

قوله: "وما أنا من المشركين" بيان للحنيف وإيضاح لمعناه. ويطلق المشرك على كل كافر، من عابد صنم، ووثن، ويهودي، ونصراني، ومجوسي، وزنديق، وغيرهم.


(١) انظر: "فتح الباري" (٦/ ٢٨٩ - ٢٩٢، ٢٩٣ - ٢٩٥).
(٢) "النهاية في غريب الحديث" (١/ ٤٤٣).
(٣) انظر: "الغريبين" (٢/ ٥٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>