للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت لهما: بمائة قرش. فنظر أحدهما إلى الآخر، وقال: تعجب من ربك كيف يودهم وهم يكذبون! فعجبت لهذه الفطرة التي هدتهما أولاً إلى أن الخاتم لا يبلغ هذه القيمة، ثم إلى الإقرار بالرب، ثم التعجب من حلمه، ثم معرفة أن الكذب معصية يستحق عليها العقوبة، وأن من العقوبة أن يحول بين العاصي وبن رده إلى وطنه وبلوغه مقصده.

ولقد كان عندي صبي في أيام يخدم في البيت، فكان لا يتكلم إلا صدقاً، فلما جالس الناس، وتعلم منهم الكذب أخذ من أخلاقهم فذكرت قول المعري:

ومن صحب الليالي علمته ... خداع الإلف والفعل المحالا

فالعبد مفطور على عدم الأخلاق القبيحة والصفات المذمومة حتى يأخذها من أبناء جنسه، وهذا البحث يناسب حديث: "كل مولود يولد على الفطرة" وله مناسبة هنا.

قوله: "أخرجه الترمذي".

قلت: وقال: حسن (١)، وأخرجه أحمد (٢) والنسائي (٣) وابن جرير (٤) وابن المنذر وأبو إسحاق، والحاكم (٥) وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٦) من حديث النواس.

قوله: "وفسره رزين" أي: فسره ابن مسعود (٧) فيما رواه رزين.


(١) عقب الحديث رقم (٢٨٥٩)، وقد تقدم.
(٢) "المسند" (٤/ ١٨٢)، وقد تقدم.
(٣) كما في "تحفة الأشراف" (٩/ ٦١).
(٤) في "التفسير" (١٨٦).
(٥) في "المستدرك" (١/ ٧٣) وقال: صحيح على شرط مسلم، ولا أعرف له علة.
(٦) رقم (٧٢١٦)، وهو حديث صحيح.
(٧) بل النواس بن سمعان كا تقدم قريباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>