للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (١) فالسماوات العلى وأملاكها وأفلاكها من الدنيا؛ لأنها للفناء: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} (٢)، و {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١)} (٣) {وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨)} (٤)، ولذا قيل:

لا الدهر يبقى ولا الدنيا ولا الفلك الأ .... على ولا النيران الشمس والقمر

وفي قول الحافظ ابن حجر (٥): أن الدنيا تطلق على كل جزء من ذلك مجاز. ففيه بحث؛ وذلك أن الدنيا لفظ كلي تحته أفراد؛ هي أجزاؤها، وإطلاق الكلي على أجزائه إطلاق حقيقي، فإن الحيوان كل يطلق على كل واحد من أجزائه من الإنسان والفرس وغيرهما إطلاقاً حقيقياً، بل الحق أن وجود الكلي وجود أجزائه. وقد بسطت هذا في جواب سؤال؛ لأني لم أجد لأحد كلاماً شافياً في حقيقة الدنيا.

قوله: "في حديث أبي سعيد: من زهرة الدنيا" والزهرة: بسكون الزاي وفتح الهاء، والمراد بها: الزينة والبهجة، وهي مأخوذة (٦) من زهرة الشجر وهو نورها بفتح النون، والمراد: ما فيها من أنواع المتاع، والعين، والنبات، والزروع وغيرها مما يغتر الناس بحسنه مع قلة البقاء.

قلت: وفي تسميتها زهرة إشارة إلى ذلك؛ لأن الزهر سريع الذبول والذهاب.


(١) سورة القصص: ٨٨.
(٢) سورة إبراهيم: ٤٨.
(٣) سورة التكوير: ١.
(٤) سورة القيامة: ٨.
(٥) في "فتح الباري" (١/ ١٦ - ١٧).
(٦) انظر: "فتح الباري" (٩/ ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>