للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيزداد نعومة، ثم تستقبل الشمس فتحمى بها فيسهل خروجه, فإذا خرج زال الانتفاخ فسلمت. وهذا بخلاف من لم يتمكن من ذلك، فإن الانتفاخ يقتلها سريعاً.

قال الأزهري (١): هذا الحديث إذا فرق لم يكن يظهر معناه، وفيه مثالان؛ أحدهما: للمفرط في جمع الدنيا المانع من إخراجها في وجهها، وهو ما تقدم، أي: الذي يقتل حبطاً.

والثاني: في المقتصد في جمعها وفي الانتفاع بها وهو آكلة الخضر؛ وهو ما فوق البقل ودون الشجر ترعاها المواشي بعد هيج البقول، فضرب آكلة الخضر وأكل ما يحبط الماشية إذا انحبس [رجيعها] (٢) في بطنها، أي: مثلين لما ذكر.

وقال الحافظ ابن حجر (٣): إن سياق الحديث يقتضي وجود الحبط للجميع. أي: من أكلة الخضر وغيره إلا لمن وقعت منه المدارة حتى يدفع عنه ما يضر، وليس المراد أن آكلة الخضر لا يحصل لها من أكله ضرراً البتة، يريد كما قاله ابن المنير فيما نقله (٤) عنه قال: فالمستثنى آكلة الخضر بالوصف المذكور، لا كل من اتصف بأنه آكل الخضر.

قوله: "وإن هذا المال خضر حلو" أقول: معناه: أن صورة الدنيا حسنة مزينة.

قال الحافظ في "الفتح" (٥): إنه يؤخذ من الحديث التمثيل لثلاثة أصناف؛ لأن الماشية إذا رعت الخضر للتغذية؛ إما أن تفتقر منه على الكفاية، وإما أن تستكثر، الأول الزهاد، والثاني: إما أن [يحتاج إلى] (١) إخراج ما لو بقي أضر، فإذا أخرجه زال الضرر، واستمر النفع،


(١) ذكره الحافظ في "الفتح" (٩/ ٢٤٧).
وقاله ابن الأثير في "النهاية" (١/ ٣٢٤).
(٢) في (أ): "رجعتها".
(٣) في "فتح الباري" (٩/ ٢٤٧).
(٤) ابن حجر في "فتح الباري" (٩/ ٢٤٧).
(٥) في "فتح الباري" (٩/ ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>