للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحرمات، ولا ريب أن لفظ الدنيا (١) مجمل وليس بلفظ عام؛ لأن الدنيا من صيغ العموم يطلق على جميع الأعيان التي فيها [اللعن] (٢) واقع على لفظ مجمل (٣)، ولا بد من بيانه، فبينه الله ورسوله بلعن المحرمات، وأما قوله: "ملعون ما فيها" فهو لفظ عام (٤)؛ لأن كلمة (ما) (٥) بمعنى الذي، فهو في معنى ملعون كل شيء فيها, ولكن نعلم قطعاً ويقيناً أنه لم يرد هنا


(١) قال الأمير الصنعاني في رسالته: تفسير لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الدنيا ملعونة ... " وبهذا تعلم أن حديث: "الدنيا ملعونة" لفظ مجمل لا عام؛ لأن لفظ الدنيا ليست من ألفاظ العموم، وإذا كان مجملاً فلا بدّ لما أجمله الله ورسوله من البيان على لسان رسوله الذي أخبر الله أنه يبين للناس ما أنزل إليهم ...
(٢) في (أ): "فاللعن".
(٣) المجمل في اللغة: المبهم من أجمل الأمر إذا أبهم، وقيل في المجموع من: أُجمل الحساب إذا جُمع وجُعل جملة واحدة، وقيل: هو المتحصِّلُ من: أجمل الشيء إذا حصله.
"مقاييس اللغة" (١/ ٤٨١)، "القاموس" (ص ١٢٦٦).
وفي الاصطلاح:
قيل: ما له دلالة على أحد معنيين لا مزية لأحدهما على الآخر بالنسبة إليه. "الإحكام" للآمدي (٣/ ١٣).
وقال ابن فورك: ما يستقل بنفسه في المراد منه حتى يأتي تفسيره. "البحر المحيط" (٣/ ٤٥٤).
وقال الشوكاني في "إرشاد الفحول" (ص ٥٥١): والأولى أن يقال: هو ما دل دلالة لا يتعين المراد بها إلا بمعين، سواء كان عدم التعين بوضع اللغة، أو بعرف الشرع، أو بالاستعمال.
(٤) العام: هو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بحسب وضع واحد دفعة.
"تيسير التحرير" (١/ ١٩٠)، "البحر المحيط" (٣/ ٨).
(٥) (ما) تختص بما لا يعقل تكون استفهاماً كقولك: ما عندك؟ وما صنعت؟
وتكون شرطاً كقولك: ما تصنع أصنع.
وتكون بمعنى "مَنْ" هي بمعنى (الذي) نحو قوله تعالى: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣)} [الليل: ٣].
انظر: "البحر المحيط" (٣/ ٦٤ - ٦٥)، "إرشاد الفحول" (ص ٤٠٤، ٤١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>