للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما اشترى - صلى الله عليه وسلم - من يهودي ورهنه درعه دون أصحابه بيان لجواز ذلك، وقيل: لم يكن عند أحدهم طعام فاضل عن حاجته وإنما كان عند اليهودي.

وقيل: لأن الصحابة لا يأخذون رهنه, ولا يقبضون الثمن، فعدل إلى معاملة اليهودي لئلا يضيق على أحد من أصحابه.

هذا وقد أجمع (١) المسلمون على جواز معاملة أهل الذمة وغيرهم من الكفار إذا لم يتحقق تحريم ما معه، لكنه لا يجوز للمسلم أن يبيع من أهل الحرب سلاحاً وآلة حرب، ولا ما يستعينون به في إقامة دينهم، ولا بيع مصحف، ولا عبد مسلم لكافر مطلقاً.

وفي الحديث بيان ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من التقلل من الدنيا، وجواز الرهن في الحضر، وبه قال الأربعة وكافة العلماء إلا مجاهد (٢) وداود؛ فإنما خصاه بالسفر تعلقاً بمفهوم الشرط في الآية, وتعلق الجمهور بهذا الحديث، وهو أقوى من دلالة المفهوم.


= قال الحافظ في "الفتح" (٥/ ١٤١): لعله كان دون الثلاثين فجبر الكسر تارة, وألقى الجبر أخرى.
وفي رواية الترمذي رقم (١٢١٤)، والنسائي رقم (٤٦٥١) من هذا الوجه: "بعشرين".
ولعله رهنه أول الأمر في عشرين ثم استزاده عشرة, فرواه الراوي تارة على ما كان الرهن عليه أولاً، وتارة على ما كان عليه آخر.
(١) انظر: "المبسوط" للسرخسي (٢١، ٦٤)، "فتح الباري" (٥/ ١٤٠)، "المغني" (٦/ ٤٤٤)، "حلية العلماء" (٤/ ٤٠٣ - ٤٠٥).
(٢) قال ابن الملقن في "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" (٧/ ٣٦٠ - ٣٦١): التاسع: في أحكامه (الأول) جواز الرهن في الحضر، وقد وقع التصريح به في بعض روايات الحديث، واتفق العلماء على جوازه في السفر عند عدم الكاتب، وخصه مجاهد وداود هذه الصورة لظاهر الآية, وقالا: لا يجوز الرهن إلا فيها.
وجوزه الباقون حضراً وسفراً. وقالوا: الآية خرج الكلام فيها على الأغلب، لا على سبيل الشرط.
انظر: "فتح الباري" (٥/ ١٤٠)، "أضواء البيان" للشنقيطي (١/ ٢٢٨)، "المحلى" (٨/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>