للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: إنه كان يطلق (١) على الجزية اسم الصدقة، فلعل هذا منها. [١٧٨ ب] ورد بأن في لفظه مكان "الشعير والذرة" وما كانت الجزية إلا من النقدين، وقيل: يؤيد أنها ليست من الزكاة أنه أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ الصدقة من أغنيائهم ويردها على فقرائهم (٢).

وأجيب: بأنه لا مانع أن يحمل الزكاة إلى الإمام لثبوت قسمتها. وقد احتج به من يرى جواز نقل الزكاة من بلد إلى بلد، وهي مسألة خلافية.

واستدل البخاري بقوله - صلى الله عليه وسلم - فيما أخرجه هو وغيره من قوله - صلى الله عليه وسلم - للنساء: "تصدقن ولو من حليكن" (٣) قال: فلم يستثن صدقة من غيرها، واختار ما ذكر لهذه الأدلة وغيرها.

قلت: إلا أنه يقدح في كلام معاذ قوله فيه: "والذرة" وقد صح (٤) أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بالقبض من أربعة أشياء: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، وأنه لا شيء فيما سوى ذلك.

قوله: "أخرجه البخاري (٥) في ترجمة باب" قلت: وهكذا عبارة ابن الأثير (٦)، والبخاري لم يخرجه إنما ذكره تعليقاً مقطوعاً، ولفظه: وقال طاوس: قال معاذ لأهل اليمن، وساقه.

قال الحافظ في "الفتح" (٧): هذا التعليق صحيح الإسناد إلى طاوس، لكن طاوس لم يسمع من معاذ، فهو منقطع، فلا يعتبر بقول من قال ذكره البخاري. فالتعليق الجازم فهو صحيح عنده؛ لأن ذلك لا يفيد إلا الصحة إلى من علق عنه، وأما باقي الإسناد فلا، إلا أن


(١) قاله القاضي عبد الوهاب المالكي كما قاله الحافظ في "الفتح" (٣/ ٣١٣).
(٢) تقدم نصه وتخريجه، وهو حديث صحيح.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٣٠٤٠)، ومسلم رقم (٧٩، ٨٠).
(٤) تقدم نصه وتخريجه.
(٥) في صحيحه (٣/ ٣١١ الباب رقم ٣٣ - مع الفتح).
(٦) (٤/ ٦٣٥).
(٧) (٣/ ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>