للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل (١): الزهد في قوله تعالى: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} (٢) وذكر عبارات واسعة.

وأما الورع (٣) وإنْ لم يذكر في الترجمة فقد جمعه - صلى الله عليه وسلم - في كلمة واحدة وهي قوله: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" (٤) فهو يعم ترك كل ما لا يعني من الأقوال والأفعال.

[قال (٥): والذي أجمع عليه العارفون: أن الزهد سفر القلب في وطن الدنيا إلى منازل الآخرة، وعلى هذا صنف المتقدمون كتب الزهد (٦).

قال: واختلف (٧) في متعلق (الزهد)، فقالت طائفة: الزهد إنما هو في الحلال؛ لأن ترك الحرام فريضة.

وقالت طائفة: بل الزهد لا يكون في الحرام، وأما الحلال [١٩٣ ب] فنعمة من الله على عباده، والله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، فشكره على نعمه، والاستعانة بها على طاعته, واتخاذها طريقاً إلى جنته أفضل من الزهد فيها، والتخلي عنها، ومجانبة أسبابها.


(١) ذكره القشيري في رسالته (١١٦).
(٢) سورة الحديد: ٢٣.
(٣) قال ابن تيمية: الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة. والورع: ترك ما تخاف ضرره في الآخرة.
(٤) أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (٢٣١٧) وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه.
وهو حديث حسن.
(٥) أي ابن القيم في "مدارج السالكين" (٢/ ١٧).
(٦) ثم قال: كالزهد لعبد الله بن المبارك، وللإمام أحمد، ولوكيع، ولهناد السري.
(٧) قال ابن القيم: وقد اختلف الناس في الزهد، هل هو ممكن في هذه الأزمنة أم لا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>