للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الكَفَافُ" الذي لا يفضل عن الحاجة.

قوله في حديث أبي هريرة: "اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً" أقول: القوت ما يقوم بالإنسان من الطعام والكفاف الذي لا يفضل على الشيء قاله ابن الأثير (١).

واستدل بالحديث من فضل الكفاف وهو القرطبي (٢) قال: جمع الله لنبيه الحالات الثلاث: الفقر والغنى والكفاف، وكان الأول أول حالاته، فقام بواجبه من مجاهدة النفس، ثم فتحت عليه الفتوح، فصار بذلك في حد الأغنياء، ثمَّ قام بواجب ذلك من بذله لمستحقه والمواساة به، والإيثار مع اقتصاره على ما سد ضرورة عياله، وهي صورة الكفاية التي مات عليها.

قال (٣): وهي حالة سليمة من الغنى المطغي والفقر المؤلم، وأيضاً فصاحبها معدود في الفقراء؛ لأنَّه لا يترفه في طيبات الدنيا، بل يجاهد نفسه على الصبر على القدر الزائد على الكفاف، فلم يغنه [١٩٦ ب] من حال الفقراء إلاّ السلامة من قهر الحاجة وذلِّ المسألة. انتهى.

قال الحافظ في "الفتح" (٤): ويؤيده ما تقدم من الترغيب في غنى النفس وما أخرجه الترمذي (٥) عن أبي هريرة رفعه: "وارض بما قسم لك تكن أغنى الناس"، وأصح ما ورد في


(١) في "غريب الجامع" (٤/ ٦٧١ - ٦٧٢).
(٢) في "المفهم" (٧/ ١٣٠ - ١٣١).
(٣) القرطبي في "المفهم" (٧/ ١٣٠).
(٤) في "فتح الباري" (١١/ ٢٧٥).
(٥) في "السنن" رقم (٢٣٠٥)، وهو حديث حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>