للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأصحابنا أصحهما تطهر. وهذا الذي ذكرناه أنها لا تطهر إذا ألقي شيء فيها هو مذهب الشافعي وأحمد والجمهور (١).

وقال الأوزاعي والليث وأبو حنيفة (٢): تطهر.

وعن مالك (٣) ثلاث روايات. أصحها عنه أن التخليل حرامٌ، فلو خللها عصى وطهرت. والثانية: حرام ولا تطهر.

والثالثة: حلال وتطهر. واتفقوا على أنها إذا انقلبت بنفسها خلاً طهرت.

قلت: وأول أقوال مالك أظهرها؛ لأنها قد صارت خلاً لغة وشرعاً.

٢ - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أُتِيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ المَلَكُ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، وَلَوْ أَخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ". أخرجه النسائي (٤). [صحيح]

قوله في حديث أبي هريرة: "بقدحين" أقول: في رواية بثلاثة، الثالث من عسل، لكن هذا عند رفعه إلى سدرة المنتهى، وذلك بإيلياء، وإيلياء بكسر الهمزة وسكون التحتية وكسر اللام وفتح التحتانية الخفيفة مع المد. هي مدينة القدس.

قوله: "فأخذت اللبن" أقول: قال ابن التين (٥): يحتمل أنه نفر من الخمر؛ لأنه تفرس أنها ستحرم لأنها كانت حينئذٍ مباحة، ولا مانع من اقتران مباحين مشتركين في أصل الإباحة


(١) انظر: "المغني" (١٢/ ٥١٧).
(٢) "المبسوط" (٢٤/ ٧)، "البناية في شرح الهداية" (١١/ ٤٥٤).
(٣) "مدونة الفقه المالكي وأدلته" (٢/ ٢٥٦)، "التهذيب في اختصار المدونة" (٤/ ٥٠٣).
(٤) في "السنن" رقم (٥٦٥٧).
وأخرجه البخاري رقم (٣٣٩٤، ٣٤٣٧، ٤٧٠٩، ٥٥٧٦، ٥٦٠٣)، ومسلم رقم (١٦٨).
(٥) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٣٣) من كلام ابن عبد البر، وفي نسخة أخرى: قال ابن المنير.

<<  <  ج: ص:  >  >>