للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله في حديث ابن مسعود: "كان قدر صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر في الصيف ثلاثة أقدام، وفي الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة أقدام".

أقول: قال الخطابي في "معالم السنن" (١) قلت: هذا أمر مختلف في الأقاليم والبلدان، ولا يستوي في جميع المدن والأمصار، وذلك أن العلة في طول الظل وقصره هو زيادة ارتفاع الشمس في السماء [وانحطاطها] (٢) فكلما كانت أعلى وإلى محاذاة [٣٥٩ ب] الرؤوس في مجراها أقرب كان الظل أقصر، وكلما كانت أخفض، ومن محاذاة الرؤس أبعد، كان الظل أطول، ولذلك ظلال الشتاء نراها أبداً أطول من ظلال الصيف في كل مكان، وكانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة والمدينة وهما من الإقليم الثاني، ويذكرون أن الظل فيهما في أول الصيف في شهر آذار ثلاثة أقدام وشيء ويشبه أن تكون صلاته - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتد الحر متأخرة عن الوقت المعهود قبله، فيكون الظل عند ذلك خمسة أقدام، وأما الظل في الشتاء فإنهم يذكرون أنه في تشرين الأول خمسة أقدام وشيء، وفي [الكانون (٣)] سبعة أقدام أو سبعة أقدام وشيء، فقول ابن مسعود ينزل على هذا التقدير في ذلك الإقليم دون سائر الأقاليم والبلدان التي هي خارجة عن الإقليم الثاني، والله أعلم. انتهى كلامه.

ونقل الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (٤) عن ابن العربي أنه قال في "القبس" (٥) كتاب له: ليس في الإبراد تحديد إلا ما ورد في حديث ابن مسعود وساق هذا الحديث. انتهى.


(١) (١/ ٢٨٣ - مع السنن).
(٢) في (ب): وانخفاضها.
(٣) في (ب): كانون.
(٤) (١/ ٣٢٥).
(٥) "القبس في شرح موطأ مالك بن أنس" (١/ ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>