للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: شدة البرد يكون غالباً وقت الصبح، ولا يزول إلا بطلوع الشمس وارتفاع النهار، فلو أخرت الصلاة لشدة البرد لخرجت عن وقتها، ولا سبيل إلى ذلك، ولم يقل به أحد، ثم إن التنفس يحصل عند أشدية الحر، ولم يقتصر في الإبراد على أشده لوجود المشقة عند شديده أيضاً، فالأشدية تحصل عند التنفس، والشدة مستمرة بعد ذلك فيستمر الإبراد إلى أن تذهب الشدة (١).

٣٦ - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ، فَأَرَادَ ألمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلظُّهْرِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَبْرِدْ". ثُمَّ أَرَادَ المُؤَذِّن أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ: "أَبْرِدْ" مَرْتَيْنِ أَوْ ثَلاثَاً حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ، ثُمّ قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ شِدَّةَ الحَر مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ, فَإِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ".

أخرجه الخمسة (٢) إلا النسائي. [صحيح]

"الفَيْحُ": اللَّفح والوَهَج (٣).

قوله في حديث أبي ذر: "كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فأراد المؤذن أن يؤذن للظهر. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبرد" ثم أراد أن يؤذن فقال له: "أبرد" أقول: ترجمة البخاري (٤) باب الإبراد بالظهر في السفر. قال الحافظ (٥): أراد بهذه الترجمة أن الإبراد لا يختص بالحضر، لكن محل ذلك ما إذا كان السافر نازلاً، أما إذا كان سائراً أو على سير ففيه جمع التقديم والتأخير. والمؤذن المذكور بينته روايات بأنه بلال، ووردت رواية بأنه قال له الثلاثة أيضاً. أي: أمره


(١) انظر: "فتح الباري" (٢/ ١٩).
(٢) أخرجه البخاري رقم (٥٣٥)، ومسلم رقم (٦١٦)، وأبو داود رقم (٤٠١)، والترمذي رقم (١٥٨).
(٣) قاله ابن الأثير في "غريب الجامع" (٥/ ٢٣٦).
(٤) في "صحيحه" (٢/ ٢٠ الباب رقم ١٠ - مع الفتح).
(٥) في "فتح الباري" (٢/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>