للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "تقالُّوها" بتشديد اللام المضمومة, أي: استقلوها, وأصل تقالّوها، أي: رأى كل منهم أنها قليلة. قال ابن الأثير: كأنهم استقلوا ذلك لأنفسهم من العمل، فأرادوا أن يكثروا منه.

قوله: "قد غفر له" هي إحدى روايات البخاري، والأخرى: "غفر الله" والمراد أن من لم يعلم بحصول المغفرة له يحتاج إلى المبالغة في العبادة عسى أن يحصل له بخلاف من حصل له.

قوله: "فأصلي الليل أبداً" قيد الليل لا لأصلي.

وقوله: "فلا أتزوج أبداً" وقع التأكيد بالأبدية في أصلي، ولا أتزوج دون الصوم.

قال الحافظ في "الفتح" (١): لم يؤكده به لأنه لا بد من فطر الليالي، وكذا أيام العيد.

قلت: الصيام اسم لترك المفطرات نهاراً، وليس فطر الليالي من مسماه, فطرها شرط فيه، وإلا كان مواصلاً، وهو منهي عنه، والأحسن أن يقال: ترك التقييد فيه لأنه يعلم بالقياس على أخويه إلا أنه يتعدد بعدد المتكلمين لأنه لا يفيد أحد بكلام غيره، ووجه قيام الليل والصوم عبادة ظاهرة، وأما مجرد ترك الزواج، ففي كونه عبادة تأمل إلا أنه لما دل على أن مراده ليتفرغ للعبادة, وأن التزوج أحد الأسباب المانعة عن التفرغ، والتوفر عليها عُدَّ عبادة.

قوله: "أما والله" بالتخفيف الميم حرف تنبيه. "إني لأخشاكم لله" أكد بالقسم زيادة في الحث على الاقتداء به، وكالرد لما يظنونه من أن من غفر له لم يبق وجه لمخافته لدينه وخشيته من ربه، فأخبرهم مع كونه غير مبالغ في العبادة بأنه أخشاهم لله وأتقاهم له، وتأتي زيادة على هذا في النكاح.


(١) في "فتح الباري" (٩/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>