للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "ولكني" استدراك من شيء مطوي دل عليه السياق كأنه قال: أنا، وأنتم بالنسبة إلى العبودية سواءً، لكن أنا أعمل كذا، فمن رغب عن سنتي، عن طريقتي بالإعراض إلى غيرها، فليس مني، بمعنى: ليس على طريقتي، ولا يلزم أن يخرج عن الملة.

قلت: وترجم له البخاري (١) باب: الترغيب في النكاح، وهذا يدل أيضاً على الترغيب في الصيام أحياناً، والفطر أحياناً، وعلى القيام تارة، والنوم أخرى، والكل طريقته - صلى الله عليه وسلم - وهي أشرف الطرائق إلى الله وأعلاها، وخيرها وأولاها، والمراد من قوله: "أصلي وأرقد" أي: كل ليلة أفعل الأمرين، ولعل البخاري خصه بالدلالة على التزويج لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقل، وأدع الزواج، فدل على أن ترك الزواج ليس من سننه بخلاف الفطر والنوم فإفطاره طاعة ليتقوى على الصوم ونومه طاعة ليتقوى على القيام، وهو دليل على فضل الاقتصاد في العبادة, وعدم الإفراط فيها، ودلَّ على ذم التفريط في فرض العبادات الواجبة، ولذا قال لمن أقسم أن لا يزيد عليه ولا ينقص، "دخل الجنة إن صدق" (٢). أو"أفلح" كما سلف.

قوله: "الشيخان والترمذي".

أقول: هذا وهم أو سبق، فلم من المصنف فالذي في الجامع: الشيخان، والنسائي وقع هذا على نسخة من التيسير فيها لفظ الترمذي، ثم وجدنا غيرها بلفظ: النسائي على الصواب كما هو في الجامع (٣) إلا أنه قال فيه: وهذا لفظه، أي: النسائي: "أن نفراً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بعضهم: لا أتزوج، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، وقال بعضهم: أصوم ولا أفطر، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "ما بال أقوام يقولون كذا وكذا، لكني أصلي، وأنام، وأصوم، وأفطر، وأتزوج النساء"


(١) في "صحيحه" (٩/ ١٠٤ رقم الباب ١).
(٢) أخرجه البخاري رقم (١٨٩١) ومسلم رقم (١١) من حديث طلحة بن عبيد الله.
(٣) في "جامع الأصول" (١/ ٢٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>