للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي (١): ناقلاً عن عياض (٢): واعلم أن الأذان كلمة جامعة [٣٩٧ ب] لعقيدة الإيمان مشتملة على نوعية من العقليات والسمعيات، فأوله إثبات (٣) الذات وما تستحقه من الكمال والتنزيه عن أضدادها وذلك بقوله: الله أكبر.

وهذا اللفظ مع اختصاره دال على ما ذكرناه, ثم صرح بإثبات الوحدانية، ونفي ضدها من الشركة المستحيلة في حقه تعالى، وهذه عمدة الإيمان والتوحيد المقدَّمة على كل وظائف الدين.

ثم صرح بإثبات النبوة والشهادة بالرسالة لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهي قاعدة عظيمة بعد الشهادة بالوحدانية, وموضعها بعد التوحيد [لأنها] (٤) من باب الأفعال الجائزة الوقوع، وتلك المقدمات من باب الواجبات، وبعد هذه القواعد كملت العقائد العقليات فيما يجب، ويستحيل، ويجوز في حقه - سبحانه وتعالى - ثم دعا إلى ما دعاهم الله من العبادات فدعاهم إلى الصلاة وعقبها بعد إثبات النبوة؛ لأن وجوبها من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - لا من جهة العقل، ثم [دعاهم] (٥) إلى الفلاح وهو الفوز والبقاء في النعيم المقيم، وفيه إشعار بأمور الآخرة من البعث والجزاء، وهي آخر تراجم عقائد الإسلام، ثم كرر ذلك بإقامة الصلاة للإعلام بالشروع فيها، وهو متضمن لتأكيد الإيمان وتكرير ذكره عند الشروع في العبادة بالقلب واللسان، وليدخل المصلي فيها على بينة من أمره وبصيرة من إيمانه، ويستشعر عظيم ما دخل فيه، وعظمة من يعبده


(١) في شرحه لـ "صحيح مسلم" (٤/ ٨٩).
(٢) في إكمال المعلم بفوائد مسلم (٢/ ٢٥٣ - ٢٥٤).
(٣) بقوله: "الله".
(٤) في (ب): فإنَّها.
(٥) في (أ): دعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>