للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (١): التكبير أربع مرات في أول الأذان محفوظ من رواية الثقات من حديث أبي محذورة، ومن حديث عبد الله بن زيد، وهي زيادة يجب قبولها.

قوله: "تخفض بها صوتك ثم ترفع صوتك بالشهادتين" أقول: هذا هو الترجيع. أقول: تخفض بها صوتك، قيل: المراد أن يسمع من يقربه, قالوا: والحكمة في ذلك أن يأتي بهما أولاً بتدبر وإخلاص ولا يأتي [٤١٥ ب] كمال ذلك إلا مع خفض الصوت، ثم يرفع بهما صوته.

وهذا الترجيع اختلف العلماء في أنه مشروع، فالجمهور (٢) أنه مشروع لهذا الحديث الصحيح، وهو زيادة على حديث عبد الله بن زيد، وزيادة العدل مقبولة.

وذهب الهادوية (٣) والحنفية (٤) إلى عدم مشروعيته عملاً منهم بحديث عبد الله بن زيد، وهذا مشروع في حق المؤذن دون السامع، إلا أن يكون بقرب المؤذن بحيث يسمع ما أسرَّ به شرع له أن يقوله كما يقوله المؤذن، لعموم حديث (٥) الأمر بأن يقول كما يقول. ويحتمل أن يخص هذا؛ لأنه قد فصل - صلى الله عليه وسلم - كيفية قول المجيب، وأنه يأتي عقب كل جملة قالها المؤذن بمثلها، ولم يذكر إجابته في الإسرار بالترجيع.

قوله: "وكان يقول في الفجر: الصلاة خير من النوم" ظاهره [٤٢٦/ أ] أنه كان يقولها من تلقاء نفسه لا أنه - صلى الله عليه وسلم - أمره بها، ولكنه يأتي في حديث تعليمه - صلى الله عليه وسلم - له أنه ألقاها عليه. وظاهر الرواية أيضاً: أنه كان يقول ذلك في أذان فريضة الفجر، وقد روى الترمذي (٦) وابن


(١) (٤/ ١٣ - ١٤).
(٢) انظر: "المجموع شرح المهذب" (٣/ ١٠٠ - ١٠١).
(٣) "البحر الزخار" (١/ ١٩١).
(٤) "البناية في شرح الهداية" (٢/ ٩٠ - ٩١).
(٥) تقدم، وهو حديث صحيح.
(٦) في "السنن" رقم (١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>