للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمع ما قال، فكره، وقال بعضهم: لم يسمع حتى إذا قَضَى حديثَه قال: "أين السائل عن الساعة؟ " قال: هأنذا يا رسول الله! الحديث.

فقال: "إذا وسَّدَ" يأتي تفسيره للمصنف، وهو مبني للمفعول، والمراد بالأمر، الأمر المتعلق بالدين، كالخلافة والقضاء، والإمارة، والإفتاء، ونحو ذلك.

وقوله: "فانتظر الساعة".

الفاء: تفريعية، أي: جواب شرط حذف، أي: إذا كان الأمر كذلك، فانتظر.

قال ابن بطال (١): معنى وُسَّد الأمر إلى غير أهله: أنَّ الأئمة قد ائتمنهم الله على عباده، وفرض عليهم النصيحة لهم، فينبغي لهم تولية أهل الدين، فإذا قَلَّدوا غير أهل الدين، فقد ضيعوا الأمانة التي قلدهم الله إياها.

وهذا من أشراطها، وقد وقع هذا من إلحاق مثل إعصار في جميع الأقطار، فعليك للساعة بالانتظار.

وفيه بيان نوع من أنواع الأمانة، وهي تضييع ما أمر الله به عباده من أن يكون سادتهم، والعالمون [٦٢ أ/ ج] بأمور الدين هم علماؤهم، وأفضالهم الآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر، فإذا ضيعت الأمة ذلك، وأسندوا أمر الدين إلى أهل الجهالة، ومشيدي أركان الضلالة فهي أشراط الساعة، فإن قلت: الأمر وسد إلى غير أهله من بعد الثلاثين سنة التي قال فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الخلافة ثلاثون سنة، ثم يكون ملكاً عضوضاً" (٢) وإلى الآن زيادة على ألف عام منذ وسد أمر الأمة إلى غير أهله، فكيف يقول - صلى الله عليه وسلم -: "فانتظر الساعة".


(١) في شرحه لـ "صحيح البخاري" (١/ ١٣٨).
(٢) أخرجه أحمد (٥/ ٢٢٠) وفي فضائل الصحابة رقم (٧٨٩) و (١٠٢٧) وصححه الخلال في السنة رقم (٦٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>