للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: يحتمل أنَّ المراد إذا وسد كل أمر إلى غير أهله، ولا نسلم أن قد وقع ذلك في كل أمرٍ من أمور الدين، فإنه وإن كان ولي الخلافة من ليس من أهلها، فإنه يبقى علماء يفتون بالحق، وحكام يحكمون به ومجاهدون يجاهدون لتكون كلمة الله هي العليا، ومن نظر في سير الماضين عرف ذلك.

ويحتمل أن يراد بإذا وسد، أي: إذا أجمع أهل الحق والعقد على تولية خليفة ليس أهلاً للخلافة، واتفقوا عليه جميعاً، وهذا لا يقع، فإنَّ غالب الخلفاء الذين ليسوا بأهل للأمر تغلبوا بالسيف، فلم يقع ما ذكر في الحديث.

الحديث الثالث:

٨٧/ ٣ - وعنه - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ" أخرجه أبو داود (١) والترمذي (٢) [حسن].

"أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك".

عام لكل أمانة في الأموال، والأقوال، والأفعال، ولكل مؤتمن من مسلم وغيره.

"ولا تخن من خانك".

أي: لا تكافئ بالخيانة الخيانة، وتقول: فلان خانني فيما أمنته عليه، فأكافئه بالخيانة فيما أمنني عليه لا سيما مع عموم قوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} و {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (٣).


(١) في "سننه" رقم (٣٥٣٥).
(٢) في "سننه" رقم (١٢٦٤) وقال: هذا حديث حسن غريب، وهو حديث حسن.
انظر تخريجه بشكل موسع في تحقيقي لسبل السلام (٥/ ١٧٥).
(٣) سورة الشورى الآية: (٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>