للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وختمها بقوله: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (١٩)} (١)، وبأن السجود يقع من المخلوقات كلِّها علويِّها وسُفليِّها، وبأن الساجد أذلُّ ما يكون لربه وأخضع له، وذلك أشرف حالات العبد؛ فلهذا كان أقرب ما يكون من ربه في هذه الحالة. وبأن السجود هو سر العبودية، فإن العبودية هي الذل والخضوع.

وقالت طائفة: طول القيام بالليل أفضل، وكثرة الركوع والسجود بالنهار أفضل.

واحتجت هذه الطائفة: بأن صلاة الليل قد خُصَّت بالقيام، لقوله: {قُمِ اللَّيْلَ} (٢)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً" (٣) ولهذا يقال: قيام الليل، ولا يقال: قيام النهار.

ثم قال (٤): وقال شيخنا: [الصواب] (٥) أنهما سواء. والقيام أفضل بذكره وهو القراءة، والسجود بهيئته، فهيئة السجود أفضل من هيئة القيام، وذكر القيام أفضل من ذكر السجود. انتهى.

وظاهر كلامه أن السجود من غير صلاة متعبد به, وأنه يصح مجرداً مفرداً عن صلاة، وأن قوله: "أعني على نفسك بكثرة السجود" (٦) المراد به مجرداً منفرداً، والعبارة تحتمله. ويحتمل أنه أريد به الصلاة, إلا أن الأول حقيقة، والثاني مجاز من باب إطلاق الجزء على الكل.


(١) سورة العلق الآية (١٩).
(٢) سورة المزمل الآية (٢).
(٣) سيأتي نصه وتخريجه.
(٤) ابن القيم في "زاد المعاد" (١/ ٢٣٠).
(٥) سقطت من (أ. ب)، وأثبتناها من "زاد المعاد" (١/ ٢٣٠).
(٦) تقدم، وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>