للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله في حديث ابن عباس: "يعلِّمنا التشهد".

أقول: قال البيهقي (١): لا شك أن هذا التشهد الذي علَّمه - صلى الله عليه وسلم - ابن عمه عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - وأقرانه [لا شك في كونه] (٢) بعد التشهد الذي علَّمه - صلى الله عليه وسلم - ابن مسعود وأضرابه.

واعلم: أن التشهد قد روي من وجوه كثيرة عن ابن مسعود وعن ابن عباس وعن جابر وعن ابن عمر وعائشة، وهذه الروايات ذكرها المصنف وألفاظها متقاربة، إلا أنه اتفق أهل الحديث على ترجيح حديث ابن مسعود. هذا الذي ذكره المصنف أولاً وقال (٣): إنه أصح حديث روي في التشهد؛ لأنه روي عنه من نيف وعشرين طريقاً. وهو أصح الأحاديث إسناداً [٥٠ ب] وأشهرها رجالاً؛ لأنه متفق عليه دون غيره، ولأن الرواة عنه من الثقات لم يختلفوا في ألفاظه بخلاف غيره وأنه تلقاه من النبي - صلى الله عليه وسلم - تلقيناً كما ثبت من طرق، ولثبوت الواو في الصلوات والطيبات؛ ولأنه ورد بصيغة الأمر بخلاف غيره، فإنه مجرد حكاية، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه إياه وأمره أن يعلمه الناس. أخرجه أحمد. ولم ينقل ذلك في غيره، ففيه دليل على مزيته.

قلت: ومما يرجحه أنه قال الترمذي في "السنن" (٤): حدثنا أحمد بن محمد بن موسى حدثنا عبد الله بن المبارك عن معمر عن خصيف قال: رأيت [رسول الله - صلى الله عليه وسلم -] (٥) في المنام، فقلت: يا رسول الله! إن الناس قد اختلفوا في التشهد. فقال: عليك بتشهد ابن مسعود. انتهى بلفظه.


(١) في "السنن" (٢/ ١٤٠).
(٢) سقطت من (أ. ب)، وأثبتناها من "سنن البيهقي".
(٣) انظر: في "السنن الكبرى" (٢/ ١٣٨ - ١٤٠)، "التلخيص" (١/ ٤٧٥ - ٤٨٨).
(٤) في "السنن" رقم (٢٨٩).
(٥) كذا في (أ. ب)، والذي في "السنن": "النبي - صلى الله عليه وسلم -".

<<  <  ج: ص:  >  >>