للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال (١): وإنما يقرب ذلك إن جعلت (ما) (٢) موصولة، وأريد بها شيء معين، وهو الفاتحة لكثرة حفظ المسلمين لها، فهي المتيسرة.

وقيل: هو محمول على أنه عرف من حال الرجل أنه لا يحفظ الفاتحة، ومن كان كذلك كان الواجب عليه قراءة ما تيسر.

وقيل: هو محمول على أنه منسوخ، بدليل تعين الفاتحة ولا يخفى ضعفهما لكنه محتمل، ومع الاحتمال لا يترك الصريح، وهو قوله: "لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب".

وقيل: إن قوله: "ما تيسر" محمول على ما زاد على الفاتحة، جمعاً بينه وبين دليل تعين إيجاب الفاتحة. ويؤيده الرواية التي تقدمت عن أحمد (٣) وابن حبان (٤)، حيث قال: "اقرأ بأم القرآن ثم اقرأ بما شئت".

واستدل به على وجوب الطمأنينة في الأركان. واعتذر بعض من لم يقل به بأنه زيادة على النص؛ لأن المأمور به في القرآن مطلق، فيصدق بغير طمأنينة، فالطمأنينة زيادة، والزيادة على المتواترة بالآحاد لا تعتبر. وعورض: بأنها ليست زيادة، بل بيان المراد بالسجود، وأنه خالف السجود اللغوي؛ لأنه مجرد وضع الجبهة، فبينت السنة أن السجود الشرعي ما كان بالطمأنينة، ويؤيده: أن الآية نزلت (٥) تأكيداً لوجوب السجود، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن معه يصلون قبل ذلك، ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يسجد بغير طمأنينة.


(١) ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام" (ص ٣٤١).
(٢) قال ابن دقيق العيد: بمعنى الذي.
(٣) في "المسند" (٤/ ٣٤).
(٤) في صحيحه رقم (١٨٩٠)، وقد تقدم.
(٥) تقدم توضيحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>