الضمير في إنّها هو ضمير القصة والشأن، والمراد من تخلف - بضم اللام - أي: تحدث من بعدهم خُلوف - بضم الخاء - هو جمع خلْف بإسكان اللام، وهو الخالف بشر، وأمَّا بفتح اللام فإنه الخالف بخير، هذا هو الأشهر، قال بعض أئمة اللغة: هما واحد بالفتح والإسكان.
قوله:"فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن":
أي: من غير ما أتوا من البدع بيده مع إمكانه، كما يأتي قوله: ثم يقدرون على أن يغيروا.
قوله:"ومن جاهدهم بلسانه":
وذلك عند تعذر الجهاد باليد، فهو مؤمن، وذلك بالإنكار عليهم ما يأتونه, والقلم أحد اللسانين، فمن جاهدهم به فقد جاهدهم بلسانه.
قوله:"ومن جاهدهم بقلبه":
وذلك بكراهة ما يأتونه، فهو مؤمن؛ لأنَّ هذه الثلاث هي الوظائف التي اعتبرها الشارع في الباب، وجهاد القلب مصاحب للأولين لا ينقل عنهما.
الحديث الثالث:
٩١/ ٣ - وعَنْه - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لمَّا وَقَعَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ في الْمَعَاصِي نَهَتْهُمْ عُلَمَاؤُهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا، فَجَالَسُوهُمْ في مَجَالِسِهِمْ وَوَاكلُوهُمْ وَشَارَبُوهُمْ، فَضَرَبَ الله قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، وَلَعَنَهُمْ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ الآية، ثُمَّ جَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: "لاَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! حَتَّى تَأْطِرُوهُمْ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا" (١).
(١) أخرجه أبو داود رقم (٤٣٣٦) و (٤٣٣٧) والترمذي رقم (٣٠٤٧) وقال: هذا حديث حسن غريب. وابن ماجه رقم (٤٠٠٦)، وهو حديث ضعيف, لأن في سنده انقطاع، فأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه كما ذكره غير واحد.