للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "تقدرون على أن تغيروا":

فيه اعتبار القدرة على التغيير، والمراد باليد، أو باللسان، أو بالقلب مقدر أبداً، كما قدمنا، ثم إنه أفاد أبو بكر أنَّ آية: {لَا يَضُرُّكُمْ} مقيدة بعد أن يأتوا بواجب الأمر والنهي.

واعلم أن للصحابة كلام في الآية:

فأخرج ابن جرير (١)، وابن مردويه (٢) عن عمر أنه قيل له: لو جلستَ هذه الأيام، فلم تأمُرْ ولم تنهَ، فإن الله يقول: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}؟ قال: إنها ليست لي، ولا لأصحابي, لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليبلغ الشاهد الغائب" فكنا نحن الشهودَ، وأنتم الغيب، ولكنَّ هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدِنا إنْ قالوا لم يقبل منهم.

وأخرج عبد الرزاق (٣)، وابن جرير (٤) من طريق قتادة عن رجلٍ قال: كنت في خلافة عمر بن الخطاب بالمدينة في حلقة فيها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا فيهم شيخ حسبت أنه قال: أبي بن كعب فقرأ: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} فقال: إنما تأويلها آخر الزمان.

وأخرج ابن مردويه (٥) عن معاذ بن جبل أنه قال: يا رسول الله! أخبرني عن قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، فقال: "يا


(١) في تفسيره "جامع البيان" (٩/ ٤٤ - عالم الكتب).
(٢) عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (٣/ ٢١٦ - ٢١٧).
(٣) في تفسيره (١/ ١٩٢ - ١٩٣ رقم ٧٥٩ - "المعرفة").
(٤) في تفسيره "جامع البيان" (٩/ ٤٥ - ٤٦ - عالم الكتب).
قلت: وأخرجه الطبراني (ج ٩ رقم ٩٠٧٢) من طرق عن الحسن عن ابن مسعود به.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ٢٢) وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، إلا أن الحسن البغوي لم يسمع من ابن مسعود.
(٥) عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (٣/ ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>