للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتصلي خلاف صلاتهم، كيف والصحيح عنها "إن الله فرض الصلاة ركعتين ركعتين فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة زيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر" (١).

فكيف يظن بها مع ذلك أن تصلي بخلاف صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين معه؟. انتهى.

إذا عرفت هذا فقد ردّ ابن تيمية الحديثين بمجرد الاستبعاد بأن عائشة لا تخالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه, وهو محل النزاع، فإنها قد روت عنه أنه أتم وصام، وصححت الرواية كما سمعت فلم تخالفه بل فعلت أحد فعليه.

وأما قوله: كيف والصحيح عنها أنها فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، إلى قوله: وأقرت في السفر، فهذا لا ينافي أن القصر رخصة والتمام عزيمة, فإن المراد أقرت أي كانت أحد الجائزين.

وابن تيمية لاعتقاده وجوب القصر ردّ ما روي كما سمعت، والحق ما قاله ابن عبد البر (٢): إن إتمام عائشة في السفر، يدل على أنها علمت أن القصر ليس بواجب، وأنه رخصة، وتوسعة، فالناس مخيرون في قبولها.

قال (٣): ولا يظن عاقل بها تعمد إفساد فرضها بالزيادة فيه ما ليس منه عامداً لذلك فضلاً عن عالم، وقد ذكر أنه ذهب أكثر العلماء من السلف والخلف في قصر الصلاة أنه سنة غير واجب، ومنهم من يجعله مستحباً ويخير المسافر في الإتمام والقصر؛ لأنه عندهم رخصة وتوسعة.


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٥٦)، والبخاري رقم (١١٠٢)، ومسلم رقم (٨/ ٦٨٩).
(٢) انظر: "التمهيد" (٦١/ ٢٩٤). "الاستذكار" (٦/ ٤٢، ٦٩ - ٦٧).
(٣) ابن عبد البر في "الاستذكار" (٦/ ٦٧ - ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>