للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والموات الثاني: ما لم يملكه أحد في الإِسلام، ولا عمر في الجاهلية, فذلك الموات الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أحيا أرضاً ميتةً فهي له" (١) ومن أحيا مواتاً فهو له.

والإحياء ما عرفه الناس إحياءً مثل البناء إن كان مسكناً أن يبني بناءً مثله، أو ما يقرب منه، وأقلّ عمارة الأرض الزرع فيها، وحفر البئر، ونحو ذلك.

وقال ابن عبد البر (٢): إحياؤها أن تعمل حتى تعود أرضاً بيضاء يصلح أن تكون مزرعة بعد حالها الأول، فإن غرسها بعد ذلك فهو أبلغ في إحيائها، هذا مما لا خلاف فيه.

واختلف في الحجر عليها بالحيطان، هل يكون ذلك إحياءً أو لا؟

قد ذهبت طائفة من التابعين ومن بعدهم إلى أنَّ من حجر على موات فقد ملكه، وأنَّ ذلك كالإحياء له، واستدلوا بما رواه شعبة وغيره عن قتادة عن الحسن عن سمرة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أحاط حائطاً على أرض فهي له" (٣).

واختلفوا في شرط إذن السلطان، فقال أبو حنيفة (٤): ليس لأحدٍ أن يحيي مواتاً من الأرض إلا بإذن الإِمام، ولا يملك منه شيئاً إلا بتمليكه إياه، وقال صاحباه, والشافعي: من


(١) أخرجه أحمد في "المسند" (٣/ ٣١٣، ٣٢٧، ٣٨١) والترمذي رقم (١٣٧٩) وقال: هذا حديث حسن صحيح من حديث جابر.
وهو حديث صحيح.
(٢) انظر "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد مرتباً على الأبواب الفقهية للموطأ" (١٣/ ١١٩ - ١٢٥).
(٣) أخرجه أحمد في "المسند" (٥/ ١٢، ٢١) وأبو داود رقم (٣٠٧٧)، وهو حديث ضعيف.
(٤) المبسوط للسرخسي (٢٣/ ١٨١) والاختيار (٣/ ٨٩ - ٩٠) والبناية شرح الهداية (١١/ ٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>