للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: فلو كان الكسوف بالحساب لم يقع الفزع، ولو كان بالحساب لم يكن للأمر بالعتق والصدقة والصلاة والذكر معنى، فإن ظاهر الأحاديث أن ذلك يفيد التخويف، وأن ما ذكر من أنواع الطاعات يرجى أن يدفع به ما يخشى من ذلك.

ومما نقض به ابن العربي وغيره عليهم: أنهم يزعمون أن الشمس لا تنكسف على الحقيقة، وإنما يحول القمر بينها وبين أهل الأرض عند اجتماعهما في العقدتين.

فقال: نعم، يزعمون أن الشمس أضعاف القمر في الجرم، فكيف يحجب الصغير الكبير إذا قابله؟ أم كيف يظلم الكثير بالقليل لا سيما وهو من جنسه؟ وكيف يحجب الأرض نور الشمس وهي زاوية منها؟ لأنهم يزعمون أن الشمس أكبر من الأرض بتسعين ضعفاً. انتهى.

فائدة: وقع هنا ذكر كسوف القمر، وزعم ابن رشد (١) أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصلِ في كسوف قمر، وذكر ابن القيم (٢) أنه لم ينقل أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى في كسوف القمر جماعة، لكن قد ذكر ابن حبان في تاريخه [٥٤١/ أ] ومغلطاي (٣) في إشاراته, والعراقي: بأن القمر خسف في السنة الخامسة في جمادى، وأنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه صلاة الكسوف، فكانت أول صلاة كسوف في الإِسلام.

قوله: "أخرجه الستة" اعلم أن المصنف - رحمه الله - اقتصر في هذه السنة على أخصر حديث وعلى رواية واحدة, وطوى عدة ألفاظ في حديث عائشة هذا.

وطوى أحاديث سردها ابن الأثير في "الجامع" (٤) عن أربعة عشر صحابياً: عن أسماء بنت أبي بكر، عن ابن عباس، عن أبي مسعود البدري، عن المغيرة [٣٠٧ ب] بن شعبة، عن


(١) في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (١/ ٤٩٧) بتحقيقي.
(٢) في "زاد المعاد" (١/ ٤٣٤).
(٣) ذكره الحافظ في "الفتح" (٢/ ٥٤٨).
(٤) (٦/ ١٥٦ - ١٩١). انظر: تخريجها في "نيل الأوطار" (٧/ ١٤٤ - ١٧٣) بتحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>