للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "وأصدقها حارث وهمام".

قال ابن الأثير (١): الحارث: الكاسب، والاحتراث: الاكتساب، وهمَّام فعَّال، من هَمَّ، فهو همَّام، وإنما كان أصدق الأسماء؛ لأنَّ الإنسانَ كاسبٌ، وهمَّامٌ بالطَّبع، فلا يكاد يَخلُو من كسب [٧١ ب/ ج] وهم. انتهى.

قوله: حرب ومرَّة.

قال (١) - أيضاً -: إنما كانا أقبح الأسماء؛ لأنَّ الحرب مما يتفاءل بها، وتُكْرَهُ لما فيها من القتل، والأذى.

وأمَّا مُرّة فلأن معناه: المُرُّ، والمُرُّ كريةٌ بغيضٌ إلى الطباع، أو لأنه كنْيَةُ إبليس، فإن كنيَةَ أبو مُرَّة.

قال أبو عمر بن عبد البر (٢): هذا عندي من باب الفأل الحسن، فإنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان يطلبه ويعجبه، وليس من باب الطيرة في شيء؛ لأنه محال أن ينهى عن الطيرة, ويأتيها، بل هو من باب الفأل، فإنه - صلى الله عليه وسلم - يتفاءل بالاسم الحسن.

وقد روى حماد بن سلمة عن حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توجه لحاجة يحب أن يسمع يا نجيح! يا راشد، يا مبارك".

وأخرج بسنده: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يتطير، وكان يتفاءل، فركب بريدة في سبعين راكباً من أهل بيته من أسلم، فلقي النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلاً، فقال له نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أنت" فقال: أنا بريدة فالتفت إلى أبي بكر، وقال: "يا أبا بكر برد أمرنا وصلح" قال: "ممن؟ " قلت: من أسلم. قال لأبي بكر: "سلمنا" ثم قال: "ممن؟ " قلت: من سهمٍ قال: "خرج سهمك". انتهى.


(١) في "جامع الأصول" (١/ ٣٥٩).
(٢) في "التمهيد" (٢٤/ ٧١، ٧٢، ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>