للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختلف (١) السلف في هذه المسألة فقالت طائفة: لا يجزي الصوم في السفر عن الفرض، بل من صام في السفر وجب عليه قضاؤه في الحضر؛ لظاهر قوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (٢)، ولحديث: "ليس من البر الصيام في السفر" (٣). ومقابل البر الإثم، وإذا كان آثماً بصومه لم يجزئه، وهذا قول بعض أهل الظاهر (٤)، وحكي (٥) عن جماعة من الصحابة والتابعين، وذهب الجمهور (٦) إلى أنَّ الصوم أفضل لمن قوي عليه، وقال كثير منهم: الفطر أفضل عملاً بالرخصة، وهو قول الأوزاعي وأحمد (٧) وإسحاق.

وقال آخرون: هو مخير مطلقاً، وقال آخرون: أفضلهما أيسرهما لقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (٨)، فمن كان الصوم في حقه أيسر فهو الأفضل، وإن كان الفطر أيسر فهو الأفضل، وهو قول (٩) عمر بن عبد العزيز، واختاره ابن المنذر.


(١) انظر: "فتح الباري" (٤/ ١٨٣)، "المغني" (٤/ ٤٠٨ - ٤٠٩).
"المجموع شرح المهذب" (٦/ ٢٦٩).
(٢) سورة البقرة الآية (١٨٢).
(٣) أخرجه أحمد (٣/ ٣١٧)، والبخاري رقم (١٩٤٦)، ومسلم رقم (٩٢/ ١١١٥) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -، وهو حديث صحيح.
(٤) في "المحلى" (٦/ ٢٤٣).
(٥) حكاه الحافظ في "الفتح" (٤/ ١٨٣) عن عمر وابن عمر وأبي هريرة والزهري وإبراهيم النخعي وغيرهم، اهـ.
(٦) انظر: "المغني" (٤/ ٤٠٨ - ٤٠٩)، "فتح الباري" (٤/ ١٨٣).
(٧) قال ابن قدامة في "المغني" (٤/ ٤٠٧ - ٤٠٨): فصل: والأفضل عند إمامنا أي أحمد بن حنبل - رحمه الله - الفطر في السفر، وهو مذهب ابن عمر، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، والشعبي، والأوزاعي، وإسحاق.
(٨) سورة البقرة: (١٨٥).
(٩) ذكره ابن قدامة في "المغني" (٤/ ٤٠٨)، وانظر: "المجموع شرح المهذب" (٦/ ٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>