للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٨٥ ب] وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنَّهم قالوا في هذه الأحاديث: أمررها بلا كيف، وهذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة.

وأمَّا الجهمية (١) فأنكروا هذه الروايات، وقالوا: هذا تشبيه، وقد ذكر الله في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر، فتأولت الجهمية هذه الآيات وفسروها على غير ما فسرها أهل العلم، وقالوا: إنَّ الله لم يخلق آدم (٢) بيده, وقالوا: إنما معنى اليد هنا القوة.

وقال إسحاق بن إبراهيم: إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد أو مثل يد، أو سمع كسمع أو مثل سمع، فهذا هو التشبيه، وأمَّا إذا قال كما قال الله: يد وسمع وبصر، ولا يقول:


(١) الجهمية ترجع نسبتها إلى مؤسسها جهم بن صفوان, والجهمية إحدى الفرق الكلامية التي تنتسب إلى الإسلام وهي ذات مفاهيم وأراء عقدية خاطئة في مفهوم الإيمان، وفي صفات الله تعالى وأسمائه.
فالجهمية تنكر جميع الأسماء التي سمى الله بها نفسه وجميع الصفات التي وصف بها نفسه بحجج واهية وتأويلات باطلة.
منها: إرادة تنزيه الله تعالى.
- أن إثبات الصفات يقتضي أن يكون الله جسماً لأن الصفات لا تقوم إلا بالأجسام؛ لأنها أعراض والأعراض لا تقوم بنفسها.
- أن وصف الله تعالى بتلك الصفات التي ذكرت في كتابه الكريم أو في سنة نبيه العظيم، يقتضي مشابهة الله بخلقه، فينبغي نفي كل صفة نسبه إلى الله تعالى، وتوجد كذلك في المخلوقات لئلا يؤدي إلى تشبيه الله بزعمهم بمخلوقاته التي تحمل اسم تلك الصفات.
انظر: "المقالات" (١/ ٢٧٩) "الفرق بين الفرق" (ص ٢١٢).
"فرق معاصرة" (٢/ ٨٠٠ - وما بعدها). "الملل والنحل" (١/ ٩٧ - ١٠٠).
(٢) اعلم أن ما أضيف إلى الله مما هو غير بائن عنه, فهو صفة له غير مخلوقة, وكل شيء أضيف إلى الله بائن عنه, فهو مخلوق، فليس كل ما أضيف إلى الله يستلزم أن يكون صفة له. وقد تقدم تفصيله.
انظر: "مجموع فتاوى لابن تيمية" (٥/ ٢١٢)، (٩/ ٢٩٠)، "التدمرية" (ص ٣١ - ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>