للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"سر صاحبه" أي: ما يقع بينهما من ذلك، فإنه قبيح شرعاً كما أنه قبيح عقلاً وعرفاً.

قوله: "أخرجه مسلم وأبو داود".

الحَادِي عَشَر (١): حديث (عائشة - رضي الله عنها -):

١٠ - وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال لي رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى". فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: "إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لاَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قُلْتِ: لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ". قُلْتُ: أَجَلْ يَا رَسُولَ الله، وَالله مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ. أخرجه الشيخان (٢).

قوله: "وإذا كنت عليَّ غضبى" فيه يغتفر للمرأة غضبها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قوله: "تقولين: لا ورب محمد" فيأخذ من ذكرها اسمه - صلى الله عليه وسلم - رضاها عنه، ويأخذ (٣) من طي اسمه غضبها.

قوله: "والله ما أهجر (٤) إلاّ اسمك" هذا جواب في نهاية الحسن، وإخبارٌ بأنّ غضبها لا يفضي بها إلى شيء يكرهه - صلى الله عليه وسلم -، وإنما تهجر لفظ اسمه قوله: "أخرجه الشيخان".


(١) في "المخطوط" الحادي عشر، والصواب ما أثبتناه.
(٢) البخاري في "صحيحه" رقم (٥٢٢٨، ٦٠٧٨)، ومسلم رقم (٢٤٣٩).
(٣) قال ابن حجر في "فتح الباري" (٩/ ٣٢٦) يؤخذ منه استقراء الرجل حال المرأة من فعلها وقولها فيما يتعلق بالميل إليه وعدمه، والحكم بما تقتضيه القرائن في ذلك؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - جزم برضا عائشة وغضبها بمجرد ذكرها لاسمه وسكوتها، فبنى على تغير الحالتين من الذكر والسكوت تغير الحالتين من الرضا والغضب.
(٤) قال الطيبي في "شرحه على مشكاة المصابيح"، (٦/ ٣٤٣ - ٣٤٤): هذا الحصر غاية من اللطف في الجواب؛ لأنها أخبرت أنها إذا كانت في غاية من الغضب الذي يسلب العاقل اختيار، لا يغيرها عن كمال المحبة المستغرقة ظاهرها وباطنها الممتزجة بروحها، وإنما عبرت عن الترك بالهجران، ليدل بها على أنها تتألم من هذا الترك الذي لا اختيار لها فيه.
وأنشد أو هو كما قيل: =

<<  <  ج: ص:  >  >>