للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ولا تحاسدوا" ولا يحسد (١) بعضكم بعضاً، وهو تمني زوال النعمة عن أخيه وانقلابها إليه.

"ولا تباغضوا" أي: لا يبغض بعضكم بعضاً، والمراد: لا تعاطوا (٢) أسباب البغض؛ لأنّ البغض لا يكتسب ابتداءً، وهو نهي عن الحسد وعن البغضاء سواء كانت من جانب، أو من الجانبين.

وقوله: "ولا تدابروا" قال المازري (٣): التدابر المعاداة، وقيل: أنه كناية عن الاختلاف والافتراق.

وقال مالك في "الموطأ" (٤): التدابر: الإعراض عن أخيك المسلم فتدبر عنه بوجهك.

قوله: "وكونوا عباد الله" منادى.

"إخواناً كما أمركم الله" أعواناً، فإنه قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (٥)، وهذا وإن كان خبراً فإنه يتضمن الأمر به.


(١) الحسد تمني الشخص زوال النعمة عن مستحق لها أعم من أن يسعى في ذلك أولا، فإن سعى كان باغياً، وإن لم يسع في ذلك ولا أظهره ولا تسبب في تأكيد أسباب الكراهة التي نهى المسلم عنها في حق نظر، فإن كان المانع له من ذلك العجز بحيث لو تمكن لفعل فهذا مأزور. وإن كان المانع له من ذلك التقوى فقد يعذر؛ لأنه لا يستطيع دفع الخواطر النفسانية، فيكفيه في مجاهدتها أن لا يعمل بها ولا يعزم على العمل بها.
(٢) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٤٨٣).
(٣) في "المعلم بفوائد مسلم" (٣/ ١٦٣) حيث قال: والتدابر: المعادة.
يقال: دابرت الرجل عاديته، وقيل معناه: لا تقاطعوا ولا تهاجروا؛ لأن المتهاجرين إذا ولى أحدهما عن صاحبه فقد ولاّه دبره.
(٤) (٢/ ٩٠٧ - ٩٠٨).
(٥) سورة الحجرات الآية: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>