للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: "يكثر أن يقول" في دعائه. "يا مقلب القلوب" (١) أي: صفاتها واعتقاداتها، وكان من إقسامه "لا ومقلب القلوب" فالله سبحانه مالك القلوب يقلبها كيف يشاء، كما قال: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} (٢)،

{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ} (٣).

"ثبت قلبي على دينك" وقال الراسخون في العلم: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} (٤) الآية، وقال تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} (٥).

"فقلت يا رسول الله! قد آمنا بك، وبما جئت به فهل تخاف علينا" لما سمع أنس دعاه, انتقل إلى نفسه وإلى العباد، فإنه إذا كان - صلى الله عليه وسلم - يخاف تقليب قلبه فكيف بالعباد.

"فقال نعم" أي: أخاف عليكم وذكر علته بقوله: "إنّ القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء"، والمراد (٦): أن الله هو المتمكن من قلوب العباد، والمتسلط عليها والمتصرف فيها كيف يشاء.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٦٦٢٨).
واعلم أن منهج أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى توقيفية، وأن الله تعالى لا يسمَّى إلا بما ثبت تسميته به نصاً من كتابٍ أو سنةٍ. انظر: "مجموع فتاوى" (٥/ ٢٦) "بدائع الفوائد" (١/ ١٨٣).
(٢) سورة الأنفال الآية: ٦٣.
(٣) سورة الأنعام الآية: ١١٠.
(٤) سورة آل عمران الآية: ٨.
(٥) سورة الصف الآية: ٥.
(٦) بل الأصابع هي من صفات الله الذاتية الخبرية الثابتة في السنة الصحيحة.
(منها): ما أخرجه مسلم رقم (٢٦٥٤) عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن ... ". =

<<  <  ج: ص:  >  >>