للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما قال: "من أصابع الرحمن" إشارة إلى أن الله تعالى تولى بنفسه أمر قلوبهم، ولم يكلها إلى أحد من ملائكته رحمة منه وفضلاً؛ لئلا يطلع على أسرارهم. قلت: ولذا قال تعالى في صفة الحفظة الكرام الكاتبين: {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (١٢)} (١). مفهومه: لا ما تعتقدون وتنوون، وقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ [٢١٢ ب] فَاحْذَرُوهُ} (٢).

قوله: "أخرجه الترمذي". قلت: وقال (٣) حسن.

الرابع: حديث (أبي هريرة - رضي الله عنه -).

٤ - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأَ هذِهِ الآيَةِ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} إلى قَوْلهِ {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (٥٨)} (٤) فَرَأَيْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَضَعُ


= ومنها: ما أخرجه البخاري رقم (٧٤١٥)، ومسلم رقم (٢٧٨٦) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل الكتاب، فقال: يا أبا القاسم! إن الله يمسك السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع ... إلى أن قال: فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحك حتى بدت نواجذه, ثم قرأ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}.
قال البغوي في "شرح السنة" (١/ ١٦٨) بعد ذكر الحديث المتقدم: "والإصبع المذكورة في الحديث صفة من صفات الله عز وجل، وكذلك كل ما جاء في الكتاب أو السنة من هذا القبيل من صفات الله تعالى، كالنفس، والوجه، والعين، واليد، والرجل والإتيان، والمجيء، والنزول إلى السماء الدنيا، والاستواء على العرش، والضحك والفرح". انظر: "تأويل مختلف الحديث" (ص ٢٤٥). "كتاب التوحيد" لابن خزيمة (١/ ١٨٧). فلا نقول إصبع كأصابعنا، ولا يد كأيدينا، ولا قبضة كقبضاتنا؛ لأن كل شيء منه عز وجل لا يشبه شيئاً منا، فأهل السنة والجماعة يثبتون لله تعالى أصابع تليق به، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)}.
(١) سورة الأنفطار الآية: ١٢.
(٢) سورة البقرة الآية: ٢٣٥.
(٣) في "السنن" (٤/ ٤٤٩).
(٤) سورة النساء الآية: ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>