للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثالث: - للأكثر - أنها سنة مؤكدة (١)، وحملوا حديث عقبة على المضطر.

قلت: ولا يخفى بعده، فإن المضطر له حق آخر واجب يوجبه الاضطرار، وهذا حق توجبه الضيافة، وقيل (٢): أنه منسوخ، وهو دعوى لا دليل عليها، وثمة أجوبه أخر لا دليل عليها.

وقوله: "أنه يؤخذ من زروعهم" ونحوها، وذلك إذا منعوا من إعطائهم، وهو دليل على مسألة الظفر، وبها قال الشافعي (٣)، فجزم بجواز الأخذ إذا لم يكن تحصيل الحق بغير ذلك، ويجهد في تقويم ماله في حق الضيافة ولا يحيف، فإن أمكن [٢١٥ ب] تحصيل الحق بالقاضي فهل يتعين أخذه بواسطته أم يجوز له الأخذ بنفسه؟ فيه خلاف (٤).

قوله: "أخرجه الخمسة إلاّ النسائي".

الثالث: حديث (عوف بن مالك).

٣ - وعن عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال: قُلْتُ: يَا رسولَ الله، الرَّجُلُ أَمُرُّ بِهِ فَلاَ يُقْرِيني ثُمَّ يَمُرُّ بِي أَفَأُجَازِيهِ قَالَ: "بَلْ أَقْرِهِ، وَرَآنِي رَثَّ الثَّيابِ فقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ مَالٍ؟ " قُلْتُ: مِنْ كُلِّ المَالِ قَدْ أَعْطَانِي الله تَعَالى مِنْ الإْبِلِ وَالغَنَمِ قال "فَلْيُرَ عَلَيْكَ". أخرجه الترمذي وصححه (٥). [صحيح]


(١) قال الحافظ في "الفتح" (٥/ ١٠٨) وقال الجمهور: الضيافة سنة مؤكدة.
(٢) انظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٦/ ٢٢ - ٢٣)، "فتح الباري" (٥/ ١٠٨).
(٣) ذكره الحافظ في "الفتح" (٥/ ١٠٩).
(٤) قال الحافظ في "الفتح" (٥/ ١٠٩): "واستدل به على مسألة الظفر وبها قال الشافعي، فجزم بجواز الأخذ فيما إذا لم يمكن تحصيل الحق بالقاضي، كأن يقول غريمه منكراً، ولا بينة له عند وجود الجنس، فيجوز عنده أخذه إن ظفر به، وأخذ غيره بقدرة إن لم يجده, ويجتهد في التقويم ولا يحيف فإن أمكن تحصيل الحق بالقاضي فالأصح عند أكثر الشافعية الجواز أيضاً، وعند المالكية الخلاف، وجوزه الحنفية في "المثلى" دون المتقوم لما يخشى فيه الحيف، واتفقوا على أن محل الجواز في الأموال لا في العقوبات البدنية لكثرة الفوائد في ذلك، ومحل الجواز في الأموال أيضاً ما إذا أمن الغائلة كنسبته بلى السرقة ونحو ذلك.
(٥) في "السنن" رقم (٢٠٠). =

<<  <  ج: ص:  >  >>