للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"من فعل فقد أحسن" وأتى بما أمر به ندباً بدليل قوله: "وإلاّ فلا حرج".

"ومن استجمر فليوتر" اختلف في المراد بالاستجمار في هذا الحديث، فذهب الجمهور من أهل اللغة (١) والحديث والفقه، إلا أنه الاستنجاء بالأحجار مأخوذ من الجمار، وهي الأحجار الصغار.

وقيل: سُمي بذلك؛ لأنه يطيب الريح كما يطيب الاستجمار بالبخور.

وقيل: المراد به في البخور أن يأخذ ثلاث قطع، أو يأخذ منه ثلاث مرات يستعمل واحدة بعد أخرى، وهو على هذا مأخوذ من الجمر الذي يوقد.

قال القاضي عياض في "المشارق" (٢): وقد كان مالك يقوله ثم رجع عنه.

وقال الشيخ ولي الدين: يمكن حمل هذا المشترك على معنييه, وهو الاستجمار، والتبخر وقد كان عمر يفعل ذلك نقله عنه ابن عبد البر (٣)، فكان يستجمر بالأحجار، ويجمر ثيابه وتراً.

"ومن لا" يوتر "فلا حرج" عليه، استدل به المالكية (٤) والحنفية (٥) على أن الاستجمار يتقيد بعدد، وقالت الشافعية (٦): نفي الحرج راجع إلى الزيادة على الثلاث جمعاً بينه وبين الأحاديث المصرحة بالجمع، لأمره - صلى الله عليه وسلم - بالثلاث والنهي عن النقص عنها، وإنما نبّه على ذلك؛ لأن حكم الزيادة على الثلاث في الوضوء الكراهة.


(١) انظر: "القاموس المحيط" (ص ٤٦٩)، "النهاية في غريب الحديث" (١/ ٢٨٥)، "فتح الباري" (١/ ٢٥٧).
(٢) (١/ ٢٣٨)، وانظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٢/ ٣٠).
(٣) "التمهيد" (١/ ٢٧ - ٢٨).
(٤) "مدونة الفقه المالكي وأدلته" (١/ ٨٨ - ٨٩).
(٥) انظر: "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (١/ ٧٨).
(٦) "المهذب" (١/ ١١٣ - ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>