للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأله عن الوضوء, فأراه ثلاثاً ثلاثاً" أي: غسل أعضاءه - صلى الله عليه وسلم - ثلاثاً كل عضو منها، وهو يعم مسح [الرأس] (١) فإنه داخل في مسمى الوضوء، وكأنه مسألة عن أكمل الوضوء، لا عن مجرد ما يجزئ.

قوله: "فمن زاد" أي: على الثلاث.

"فقد أساء وتعدّى وظلم" وقد أخرج ابن أبي شيبة (٢)، عن ابن مسعود قال: "ليس بعد الثلاث شيء" وقال أحمد وإسحاق (٣) وغيرهما: لا تجوز الزيادة على الثلاث.

قلت: ودليلهما وصفه بالإساءة والتعدي والظلم.

وقال الشافعي (٤): لا أُحبّ أن يزيد المتوضيء على الثلاث, فإن زاد لم أكره, أي: لم أحرمه؛ لأن قوله: "لا أحب" يقتضي الكراهة، كذا قال ابن (٥) [٢٧٣ ب] حجر.

وهذا الأصح عند الشافعية (٦)، أنه مكروه كراهة تنزيه.

قلت: والحديث ظاهر في تحريم الزيادة, وهل يبطل بها الوضوء، حكي الدارمي (٧) عن قوم: أن الزيادة على الثلاث تحرم وتبطل الوضوء، كالزيادة في الصلاة.

قال الحافظ (٨): وهو قياس فاسد، ولم يبين وجه فساده.


(١) في (ب) مكررة.
(٢) في "مصنفه" (١/ ٩ - ١٠).
(٣) انظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ١٩٢ - ١٩٤).
(٤) انظر: "المجموع شرح المهذب" (١/ ٤٦١).
(٥) في "فتح الباري" (١/ ٢٣٣ - ٢٣٤).
(٦) انظر: "المجموع شرح المهذب" (١/ ٤٦٢)، "الأوسط" لابن المنذر (١/ ٤٢٢).
(٧) قاله الحافظ في "فتح الباري" (١/ ٢٣٤).
(٨) في "الفتح" (١/ ٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>