للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ارتبط بعضهم ببعض، خشية أن يفروا، وكان بعثه في السابعة، وقيل: [٣٣٠ ب] في الثامنة، وكان عمرو هو أمير السرية (١).

"فأشفقت إن اغتسلت" خفت أن أهلك لشدة البرد.

"فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح"؛ لأنه كان أميرهم، فهو أحق بالإمامة.

"فذكروا ذلك للنَّبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنت" فيه دليل على أنه لا يرفع التراب الجنابة، ولكنه قد عارض حديث أبي ذر (٢) - رضي الله عنه - وغيره، فكأنه - صلى الله عليه وسلم - حكي له ما قال له أصحابه، وإن كان تقريره - صلى الله عليه وسلم - لهم في تسمية جنباً، يشعر بأنها لم ترتفع الجنابة عنه.

"فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال" وهو خوفه الهلاك.

"وقلت: إني سمعت الله - عز وجل - يقول: ولا تقتلوا أنفسكم" عبّر بالمضارع، والقول قد سبق، والسماع؛ لأن الخطاب بالقرآن شامل للأوقات كلها.

"إن الله كان بكم رحيماً" فأخذ العموم من الآية، وإلاّ فسياق الآية في النهي عن ارتكابا المنهيات، فإنه يؤدي إلى هلاكها، ففي الجلالين: ولا تقتلوا أنفسكم بارتكاب ما يؤدي إلى هلاكها، إمّا في الدنيا وإمّا في الآخرة (٣)

"فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل له شيئاً" فقرّره على اجتهاده ودل أن مخافة ضر الماء، تبيح العدول إلى التراب مع وجود الماء.


(١) انظر: "طبقات ابن سعد" (٢/ ١٣١).
(٢) تقدم تخريجه وهو حديث حسن.
(٣) قال ابن كثير في "تفسيره" (٣/ ٤٤٥) أي بارتكاب محارم الله، وتعاطي معاصيه, وأكل أموالكم بينكم بالباطل: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (٢٩)} أي: فيما أمركم به ونهاكم عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>