للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فاغتسل ثم جاء فقال: كنت جنباً" وفي رواية النسائي (١): "ثم أتيته حين ارتفع النهار، فقال: إني رأيتك فحدت عني قال: إني كنت جنباً، فخشيت أن تمسني".

"قال: إن المسلم لا ينجس" قد طهره الإسلام، فلا ينجس حياً ولا ميتاً.

ومفهومه أن الكافر (٢) نجس، فهو من أدلة من يقول بنجاسة ذوات الكفار إلا أنه لا يقاوم ما يعارضه من أدلة طهارة ذواتهم.


(١) في "السنن" رقم (٢٦٧) وهو حديث صحيح.
(٢) تمسك بمفهومه بعض أهل الظاهر، وحكاه في "البحر الزخار" (١/ ١٢ - ١٣) عن الهادي والقاسم، والناصر ومالك فقالوا: "إن الكافر نجس عين، وافقوا ذلك بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: ٢٨] وأجاب عن ذلك الجمهور بأن المراد منه أن المسلم طاهر الأعضاء لاعتياده مجانبة النجاسة بخلاف المشرك لعدم تحفظه عن النجاسة, وعن الآية بأن المراد أنهم نجس في الاعتقاد والاستقذار، وحجتهم على صحة هذا التأويل أن الله أباح نساء الكتاب في قوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} [سورة المائدة الآية: ٥] ومعلوم أن عرقهن لا يسلم منه من يضاجعهن، ومع ذلك فلا يجب من غسل الكتابية إلا مثل ما يجب من غسل عليهم من غسل المسلمة.
ومن جُملة ما استدل به القائلون بنجاسة الكافر حديث إنزاله - صلى الله عليه وسلم - وفد ثقيف المسجد، وتقريره لقول الصحابة: "قوم أنجاس" لما رأوه أنزلهم. وقوله لأبي ثعلبة لما قال له: "يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم قال: "إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها، وسيأتي في باب آنية الكفار.
وأجاب الجمهور عن حديث إنزال وفد ثقيف بأنه حجة عليهم لا لهم؛ لأن قوله: "ليس على الأرض من أنجاس القوم شيء إنما أنجاس القوم على أنفسهم" بعد قول الصحابة: قوم أنجاس. صريح في نفي النجاسة الحسية التي هي محل النزاع، ودليل على أن المراد نجاسة الاعتقاد والاستقذار. وعن حديث أبي ثعلبة بأن الأمر بغسل الآنية ليس لتلوثها برطوباتهم، بل لطبخهم الخنزير وشربهم الخمر فيها، يدل على ذلك ما عند أحمد وأبي داود من حديث أبي ثعلبة أيضاً بلفظ: إن أرضنا أرض أهل كتاب, وإنهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر فكيف =

<<  <  ج: ص:  >  >>