للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فكانت تغتسل لكل صلاة" قال النووي في شرح مسلم (١): واعلم أنه لا يجب على المستحاضة الغسل لشيء من الصلوات، ولا في وقت من الأوقات إلا مرة واحدة، وقت انقطاع حيضتها، وبهذا قال جمهور (٢) العلماء من الخلف والسلف.

وذكر من قال بذلك من الصحابة والتابعين، ثم ذكر من قال بخلافه.

قال: ودليل الجمهور أن الأصل عدم الوجوب، فلا يجب إلا ما ورد الشرع بإيجابه، ولم يصح عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمرها بالغسل، إلا مرة واحدة عند انقطاع حيضها، هو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة, وإذا أدبرت فاغتسلي" وليس في هذا ما يقتضي تكرار الغسل.

قال (٣): وأما الأحاديث الواردة في سنن أبي داود والبيهقي وغيرهما أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمرها بالغسل، فليس فيها شيء ثابت.

وقد بين البيهقي (٤) ومن قبله ضعفها، ثم ذكر رواية الشيخين، وفيها ما سلف من أمره لها بالاغتسال، حيث قال: "إنما ذلك عرق، فاغتسلي وصلي" "وكانت تغتسل عند كل صلاة".

قال الشافعي (٥) - رحمه الله -: إنما أمرها - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل لكل صلاة. قال: ولا شك إن شاء الله أن غسلها كان تطوعاً، غير ما أمرت به, وذلك واسع لها، هذا كلام الشافعي بلفظه، وكذا قاله شيخه سفيان بن عيينة، والليث ابن سعد وغيرهما.


(١) (٤/ ١٩).
(٢) انظر: "فتح الباري" (١/ ٤٢٧).
(٣) أي: النووي في "شرح صحيح مسلم" (٤/ ٢٠).
(٤) في "السنن الكبرى" (١/ ٣٢١).
(٥) في "الأم" (١/ ٢٤٥ رقم ٨٢٥)، وانظر "المجموع" (٢/ ٥٥٤)، "السنن الكبرى" (١/ ٣٣٢ - ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>