للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية (١): "أنه يقدم السم، ويؤخر الشفاء" ومثله في مخلوقات الله، كثير يجمع الداء والدواء، كالنخلة، يخرج من بطنها العسل فيه الشفاء، وفي إبرتها السم.

وكذلك العقرب تهيج الداء بإبرتها ويداوي من ذلك بها.

وكذلك الأفعى والترياق، ذكره في "المصباح" (٢).

قال ابن دقيق العيد (٣): منطوقه قال على ما يقع وعلى ما يوقع فيه، فكل ما يسمى شراباً فهو داخل تحت اللفظ، وأما الواقع فلا يختص به، والنظر في بقية المائعات هل يطلق عليها اسم الشراب؟ وقد ورد في بعض الروايات (٤): "في إناء أحدكم" وهو أعم وأكثر في الفائدة اللفظية من لفظ: "الشراب".

قال: وما لا يسمى شراباً يؤخذ بالقياس في معنى الأصل، وهو ها هنا قوى المرتبة؛ لأن الحكم في لفظ الشارع أُدير على الواقع بسبب وصف فيه, لا على ما يقع فيه.

فمهما كانت العلة موجودة ثبت [٤١٦ ب] الحكم فيها يقع فيه.


(١) أخرجه أحمد (٣/ ٦٧)، وابن ماجه رقم (٣٥٠٤)، والنسائي رقم (٤٢٦٢)، وابن حبان رقم (١٢٤٧)، وفي "الثقات" (٢/ ١٠٢)، والبيهقي (١/ ٢٥٣)، والطيالسي رقم (٢١٨٨)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (٢٨١٥)، وأبو يعلى في "مسنده" رقم (١٣/ ٩٨٦) كلهم من حديث أبي سعيد، وهو حديث صحيح.
(٢) "المصباح المنير" (ص ٢٩).
وقال الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٢٥٢)، وقال ابن الجوزي: فإن النخلة تعسل من أعلاها وتلقي السم من أسفلها، والحية القاتل سمها تدخل لحومها في الترباق الذي يعالج به السم، والذبابة تسحق مع الإثمد لجلاء البصر، وذكر بعض حذاق الأطباء أن في الذباب قوة سمية يدل عليها الورم والحكة العارضة عن لسعة، وهي بمنزلة السلاح له، فإذا سقط الذباب فيما يؤذيه تلقاه بسلاحه، فأمر الشارع أن يقاتل تلك السَّمية بما أودعه الله تعالى في الجناح الآخر من الشفاء، فتتقابل المادتان فيزول الضرر بإذن الله تعالى.
(٣) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٢٥١).
(٤) أخرجها البخاري في صحيحه رقم (٥٧٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>