للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما دل الحديث على عدم كراهة أكل المطبوخ زعم بعضهم أن لفظ "بقدر" في حديث جابر تصحيف؛ لأن القدر يؤذن بالطبخ، وأن المراد بطبق، وقد ورد بهذا في رواية لفظها: "أُتي بقدر والقدر الطبق" وهو ظاهر أن البقول كانت فيه نية.

قال الحافظ ابن حجر (١): والذي يظهر لي أن رواية القدر أصح، فإن فيه في رواية التصريح بالطعام، ولا تعارض بين امتناعه - صلى الله عليه وسلم - من أكل الثوم مطبوخاً وبين إذنه لهم في أكل ذلك مطبوخاً؛ لأنه قد علل ذلك بقوله: "لست كأحدٍ منكم".

وقال القرطبي (٢): أن الذي كان في القدر لم ينضج حتى تضمحلَّ رائحته فبقي في حكم النيء. انتهى.

وقد ألحق بالثوم البصل والكراث، فأما البصل فقد وقع في حديث جابر ووقع في رواية الكراث.

وقد ألحق بالمسجد المجامع كمصلى العيد والجنازة ومكان الوليمة.

قال ابن العربي (٣): ذكر [٤٣٣ ب] العلة يدل على تعليل الحكم بها وهي أذية الملائكة وأذى المسلمين.

ومن ثمة ردَّ على المازري (٤) حيث قال: لو أن جماعة مسجد أكلوا كلهم مَالَهُ رائحة كريهة لم يمنعوا منه بخلاف ما إذا أكل بعضهم؛ لأن المنع لهم يختص بهم، بل بهم وبالملائكة.

وعلى هذا يتناول المنع من تناول شيئاً من ذلك ودخل المسجد مطلقاً ولو كان وحده.

هذا واستدل بهذه الأحاديث على أن صلاة الجماعة ليست فرض عين.


(١) في "فتح الباري" (٢/ ٣٤٢).
(٢) في "المفهم" (٢/ ١٦٧).
(٣) في "العارضة" (٧/ ٣٠٣).
(٤) في "المعلم بفوائد مسلم" (١/ ٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>