للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه يستجاب له في دعائه وسؤاله، فقال نبينا - صلى الله عليه وسلم -: "نحن أولى بالشك من إبراهيم"، يريد في استجابة الدعاء، ومحصول هذا الكلام أن لفظه إخبار يراد به التعليم للمخاطب لنبيه. انتهى.

قيل: والتحقيق أن المراد بالشك ها هنا الوسواس الذي لا يدخل دفع وروده تحت القدرة لا الشك المستوي الطرفين، ونظيره ما حكى الله عن موسى - عليه السلام - حيث قال: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (٦٧)} (١) مع معرفته ببطلان ما فعل السحرة, وأن الله سيظهره عليهم.

٦٦ - وَعَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - لأَصْحَابِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: فِيمَ ترَوْنَ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} قَالُوا الله وَرَسُوْلُه أَعْلَمُ، فَغَضِبَ عُمَرُ - رضي الله عنه - فَقَالَ: قُولُوا نَعْلَمُ أَوْ لاَ نَعْلَمُ، فَقَالَ ابْن عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي! قُلْ وَلاَ تَحْقِرْ نَفْسَكَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ضُرِبَتْ مَثَلاً لِعَمَلٍ، قَالَ عُمَرُ: أَيُّ عَمَلٍ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعَمَلٍ رَجُلٍ غَنِىٍّ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ الله - عز وجل -، ثُمَّ بَعَثَ الله تَعَالَى لَهُ الشَّيْطَانَ فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى أَغْرَقَ أَعْمَالَهُ. أخرجه البخاري (٢). [صحيح]

قوله (٣): "أغرق أعماله الصالحة"، أضاعها بما ارتكب من المعاصي، وأغرق: بالمعجمة فراء فقاف.

وأخرج هذا الحديث ابن المنذر (٤) من وجه آخر وفيه بعد قوله: "أي عمل؟ فقال ابن عباس: شيء ألقي في روعي، قال: صدقت يا ابن أخي"، عني بها العمل ابن آدم، أفقر ما


(١) سورة طه الآية ٦٧.
(٢) في صحيحه رقم (٤٥٣٨).
(٣) ابن الأثير في "جامع الأصول" (٢/ ٥٦).
(٤) عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (٢/ ٤٧ - ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>