للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّازِعَاتِ (١): {أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧)} إِلَى قَوْلِهِ: {دَحَاهَا (٣٠)} فَذَكَرَ خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلْقِ الأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ: {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا} إِلَى قَوْلِهِ: {طَائِعِينَ (١١)} (٢)، فَذَكَرَ فِي هَذ الآية خَلْقَ الأَرْضِ قَبْلَ السَّمَاءِ؛ وَقَالَ: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٥٠)} (٣)، وَقَالَ: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٩)} (٤)، {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (١٣٤)} (٥)، فكَأنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى، قَالَ ابْن عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} فِي النَّفْخَةِ الأُولَى يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَصعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ؛ ثُمَّ فِي النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ: أَقْبَلَ بَعْضهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ؛ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)} {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (٤٢)}، فَإِنَّ الله تَعَالَى يَغْفِرُ لأَهْلِ الإِخْلاَصِ ذُنُوبَهُمْ وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ تَعَالَوْا نَقُولُ لَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ، فَيختم الله عَلَى أَفْوَاهِهِمْ فتَنْطِقُ جُوَارِحُهُمْ بَأَعْمَالِهمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ عُرِفَ أَنَّ الله لاَ يُكْتَمُ حَدِيثًا وَعِنْدَهُ: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)}، وَخَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ، فَسَواهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، ثُمَّ دَحَا الأَرْضَ: أَيْ: بَسَطَهَا، وأَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاءَ وَالْمَرْعَى، وَخَلَقَ الجبَالَ وَالْأَشْجَارَ وَالآكَامَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، فَذَلِكَ قَولهُ تعالى: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠)}، فَخُلِقَتِ الْأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ في أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَخُلِقَتِ السَّمَوَاتُ


(١) سورة النازعات الآية (٢٧ - ٣٠).
(٢) سورة فصلت الآية (٩ - ١١).
(٣) سورة الأحزاب الآية (٥٠).
(٤) سورة الفتح الآية (١٩).
(٥) سورة النساء الآية ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>