للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخرى، فكأنه على حذف مضاف، أي: ضعوها بجنب السورة التي يذكر فيها، وأما الآية الواحدة فيأمر بوضعها في السورة الفلانية.

وفيه (١) دليل [٣٢١/ ب] على أن ترتيب الآيات غير توقيفي (٢) لقوله: ضعوها في السورة، ولم يبين موضع وضعها.

قوله: "فظننت أنها منها" هو رد لقول ابن عباس أنها من المثاني وغيره من الأسئلة؛ لأنها مبنية على أن الأنفال سورة مستقلة، وعثمان أجاب بأنه ظنها بعضاً من براءة.


(١) وهو حديث ضعيف لا تقوم به الحجة التي ذهب إليها ابن الأمير، بل ترتيب الآيات توقيفي.
(٢) قال السيوطي في "الإتقان" (١/ ٦٠) الإجماع والنصوص المترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفي لا شبهة في ذلك، أما الإجماع فنقله غير واحد منهم الزركشي في "البرهان" - (١/ ٣٥٣) وأبو جعفر بن الزبير في "مناسباته" وعبارته ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه - صلى الله عليه وسلم -، وأمره من غير خلاف في هذا بين المسلمين، وقال الزرقاني في "مناهل العرفان" (١/ ٣٤٦) انعقد إجماع الأمة على أن ترتيب آيات القرآن الكريم على هذا النمط الذي نراه اليوم بالمصاحف، كان بتوقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الله تعالى، وأنه لا مجال للرأي والاجتهاد فيه، بل كان جبريل ينزل بالآيات على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويرشده إلى موضع كل آية من سورتها، ثم يقرؤها النبي - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه، ويأمر كتاب الوحي بكتابتها معينا لهم السورة التي تكون فيها الآية وموضع الآية من هذه السورة وكان يتلوه عليهم مراراً وتكراراً في صلاته وعظاته وفي حكمه وأحكامه, وكان يعارض جبريل كل عام مرة، وعارضه به في العام الأخير مرتين، كل ذلك كان على الترتيب المعروف لنا في المصاحف، وكذلك كان كل من حفظ القرآن أو شيئاً منه من الصحابة حفظه الآيات على هذا النمط، وشاع ذلك وذاع وملأ البقاع والأسماع يتدارسونه فيما بينهم، ويقرؤونه في صلاتهم، ويأخذه بعضهم عن بعض، ويسمعه بعضه من بعض، بالترتيب القائم الآن، فليس لواحدٍ من الصحابة والخلفاء الراشدين يد ولا تصرف في ترتيب شيء من آيات القرآن الكريم، بل الجمع الذي كان على عهد أبي بكر لم يتجاوز نقل القرآن من العسب واللخاف وغيرها في صحف, والجمع الذي كان على عهد عثمان لم يتجاوز نقله من الصحف في مصاحف، وكلا هذين كان وفق الترتيب المخطوط المستفيض عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الله تعالى، أجل انعقد الإجماع على ذلك تاماً لا ريب فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>