للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القدر يقول لهم: اخترتم لأنفسكم هجر الرسول وأصحابه بالتخلف عنهم وأنتم آثمون، فهم الآن يهجرونكم وهم مثابون ولا يكالمونكم وهم لأمر الله فيكم ممتثلون فذوقوا ما طلبتم من هجرٍ ضاقت به عليكم الأرض بما رحبت، ولكنه آل بكم رحمة الله إلى قبول التوبة برحمته أنه أرحم الراحمن، وأسرار الله وحكمه لا تحيط به العقول، ولا تتناهى، بل يعطي تعالى كلاً من فضله فإني لم أقف على هذا لأحد، فلله الحمد ونسأله المزيد.

قوله: "أيها الثلاثة" بالرفع وموضعه، نصب على الاختصاص كما قاله سيبويه (١)، "فما هي الأرض التي أعرف".

قال ابن القيم (٢): هذا التنكر يجده الخائف، والحزين، والمفهوم في الأرض، وفي الشجر، والنبات، حتى يجده فيمن لا يعلم حاله من الناس، ويجده المذنب العاصي بحسب جرمه حتى في خلق زوجته وولده، ودابته، ويجده الإنسان في نفسه، فتتنكر له نفسه فما هي نفسه التي يعرفها، وهذا سر من الله لا يخفى [إلا على قلب ميت وعلى حسب حياة القلب يجده هذا والوحشة] (٣).

قوله: "خمسين ليلة" [٣٤٤/ ب] هي قريب العدة التي فارقوا فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه خرج من المدينة في خامس رجب ورجع إليها في رمضان.

قوله: "هل حرك شفتيه برد السلام".


(١) انظر: "الكتاب" (٢ - ٢٤٠ - ٢٤٣). و"فتح الباري" (٨/ ١٢٠).
(٢) في "زاد المعاد" (٣/ ٥٠٦ - ٥٠٧).
(٣) كذا العبارة في المخطوط، والذي في "زاد المعاد" (٣/ ٥٠٧) إلا على من هو ميت القلب، وعلى حسب حياة القلب يكون إدراك هذا التنكر والوحشة، وما لجرحٍ بميتٍ إيلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>