للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجب بها الإيمان ونوكل المراد بها الرحمن [٣٥٣/ ب].


= الطين مخافة أن يقول: لا إله إلا الله فيرحمه الله" لفظ الترمذي والباقين نحوه، وله طريق أخرى أخرجها أحمد، وإسحاق، وعبد بن حميد، والبزار، والطبراني، من رواية حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، بلفظ: "لما أغرق الله فرعون قال: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل، قال جبريل: يا محمد! فلو رأيتني وأنا آخذ الطين من حال البحر فأدسه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة، وله طريق أخرى أخرجها يحيى بن عبد الحميد الحمائي في مسنده، عن أبي خالد الأحمر، عن عمرو بن يعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال جبريل - عليه السلام - للنبي - صلى الله عليه وسلم -: وذكر فرعون "فلقد رأيتني وأنا لأكبر فيه بالحمأة مخافة أن تدركه الرحمة، وفي الباب عن أبي هريرة أخرجه الطبري وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب في السادس والخمسين، وابن مردويه من طريق عتبة بن سعيد عن كثير بن زاذان عن أبي حازم عنه؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قال لي جبريل: "لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في في فرعون؛ مخافة أن يقول ربي الله، فتدركه رحمة الله" وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "قال لي جبريل: يا محمد! ما غضب ربك على أحد غضبه على فرعون إذ قال: ما علمت لكم من إله غيري، وإذ نادى فقال: أنا ربكم الأعلى، فلما أدركه الغرق استغاث وأقبلت أحشو فاه؛ مخافة أن تدركه الرحمة" أخرجه الطبراني، وابن مردويه، من رواية محمد بن سليمان بن أبي ضمرة, عن عبد الله بن أبي قيس عنه.
قلت: وأما الوجهان اللذان ذكرهما الزمخشري، فللحديث توجيه وجيه, لا يلزم منه ما ذكره الزمخشري؛ وذلك أن فرعون كان كافراً كفر عناد؛ ألا ترى إلى قصته حيث توقف النيل، وكيف توجه منفرداً وأظهر أنه مخلص، فأجرى له النيل، ثم تمادى على طغيانه وكفره، فخشى جبريل أن يعاود تلك العادة فيظهر الإخلاص بلسانه، فتدركه رحمة الله فيؤخره في الدنيا، فيستمر على غيه وطغيانه؛ فدس في فيه الطين؛ ليمنعه التكلم بما يقتضي ذلك، هذا وجه الحديث، ولا يلزم منه جهل ولا رضا بكفر، بل الجهل كل الجهل ممن اعترض على المنقول الصحيح برأيه الفاسد، وأيضاً فإيمانه في تلك الحالة على تقدير أنه كان صدقاً بقلبه لا يقبل؛ لأنه وقع في حال الاضطرار؛ ولذلك عقب في الآية بقوله تعالى: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ} وفيه إشارة في قوله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا}. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>