قلت: وأما الوجهان اللذان ذكرهما الزمخشري، فللحديث توجيه وجيه, لا يلزم منه ما ذكره الزمخشري؛ وذلك أن فرعون كان كافراً كفر عناد؛ ألا ترى إلى قصته حيث توقف النيل، وكيف توجه منفرداً وأظهر أنه مخلص، فأجرى له النيل، ثم تمادى على طغيانه وكفره، فخشى جبريل أن يعاود تلك العادة فيظهر الإخلاص بلسانه، فتدركه رحمة الله فيؤخره في الدنيا، فيستمر على غيه وطغيانه؛ فدس في فيه الطين؛ ليمنعه التكلم بما يقتضي ذلك، هذا وجه الحديث، ولا يلزم منه جهل ولا رضا بكفر، بل الجهل كل الجهل ممن اعترض على المنقول الصحيح برأيه الفاسد، وأيضاً فإيمانه في تلك الحالة على تقدير أنه كان صدقاً بقلبه لا يقبل؛ لأنه وقع في حال الاضطرار؛ ولذلك عقب في الآية بقوله تعالى: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ} وفيه إشارة في قوله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا}. انتهى.