للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ؛ أَتَسُبِّينَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْرًا؟ فَقَالَتْ: يَا هَنْتَاهْ أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ؟ فَقُلْتُ: وَمَا قَالَ؟ فَأَخبرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا إِلَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي دَخَلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "كيْفَ تِيكُمْ"، فَقُلْتُ: ائْذَنْ لِي أَنْ آتِيَ أَبوَيَّ، وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، فَأَذِنَ لِي فَأَتَيْتُ أَبَوَيَّ فَقُلْتُ لأُمِّي: يَا أُمَّتَاهُ! مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ؟ فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ! هَوِّنِي عَلَى نَفْسِكِ الشَّأْنَ، فَوَالله لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلاَّ أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا، فَقُلْتُ سُبْحَانَ الله! وَلَقَدْ تحَدَّث النَّاسُ بِهَذَا؟ قَالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي، فَدَعَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَليَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - رضي الله عنهما - حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ، يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، قَالَتْ: فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِمَا يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ بِالَّذِي يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْوُدِّ لَهُمْ، فَقَالَ أُسَامَةُ: هُمْ أَهْلُكَ يَا رَسُولَ الله! وَلاَ نَعْلَمُ وَالله إِلاَّ خَيْرًا، وَأَمَّا عَليُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! لَمْ يُضَيِّقِ الله عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تُخْبرْكَ. قَالَتْ: فَدَعَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَرِيرَةَ فَقَالَ لَهَا: "أيْ بُرَيْرَةُ: هَلْ رَأَيْتِ فِيهَا شَيْئًا يَرِيبُكِ؟ " فَقَالَتْ: لاَ؛ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيَّاً إِنْ رَأَيْتُ مِنْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَة حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنِ عَجِين أَهْلِهَا فتأْتِي الدَّاجِنُ فتأْكُلُهُ. قَالَتْ: فَقَامَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ يَوْمِهِ، وَاسْتَعْذَرَ مِنْ عبد الله بْنِ أُبَىٍّ ابْنِ سَلُولَ فَقَالَ وَهُوَ عَلَى الْمَنْبَرِ: "مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَني أَذَاهُ فِي أَهْلِي، فَوَالله مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهِلي إِلاَّ خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهِلي إِلاَّ مَعِي"، قَالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ - رضي الله عنه - فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! أنَّا وَالله أَعْذِرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا فِيهِ أَمْرَكَ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ - رضي الله عنه -، وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ رَجُلاً صَالِحًا أَخَذَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فَقَالَ لِسَعْدِ بن مُعَاذٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ الله، لاَ تَقْتُلُهُ وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرِ - رضي الله عنه -، وَهُوَ ابْنُ عَم سَعْدِ بنُ مُعَاذٍ فَقَامَ لِسَعْدِ بنُ عُبَادَةَ كَذَبْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>