للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلَ مَحَلَّتِهِ.

وَإِنْ وَجَدَ كُلَّهُمْ غَيْرَ ثِقَاتٍ يَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ تَوَاتُرَ الْأَخْبَارِ، وَكَذَلِكَ إذَا سَأَلَ مِنْ غَيْرِ جِيرَانِهِ وَأَهْلِ مَحَلَّتِهِ وَهُمْ غَيْرُ ثِقَاتٍ فَاتَّفَقُوا عَلَى تَعْدِيلِهِ أَوْ جَرْحِهِ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمْ صَدُقَةٌ كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ تَوَاتُرِ الْأَخْبَارِ، وَإِنْ أَخْبَرَ بَعْضُهُمْ بِعَدَالَتِهِ وَبَعْضُهُمْ بِجَرْحِهِ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي اخْتِلَافِ الْمُزَكَّى فِي التَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ، وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ غَرِيبًا لَا يُعْرَفُ إذَا سُئِلَ عَنْهُ فِي السِّرِّ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الشَّاهِدَ عَنْ مَعَارِفِهِ فَإِذَا سَمَّاهُمْ سَأَلَ عَنْ مَعَارِفِهِ فِي السِّرِّ حَتَّى يَظْهَرَ عِنْدَهُ أَنَّهُمْ هَلْ يَصْلُحُونَ لِلتَّعْرِيفِ؟ فَإِذَا عُدِّلُوا سَأَلَهُمْ عَنْ الشَّاهِدِ وَاعْتَمَدَ عَلَى خَبَرِهِمْ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَإِلَّا تَوَقَّفَ فِيهِ وَسَأَلَ عَنْ الْمُعَدِّلِ الَّذِي فِي بَلْدَتِهِ إنْ كَانَ فِي وِلَايَةِ هَذَا الْقَاضِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَتَبَ إلَى قَاضِي وِلَايَتِهِ يَتَعَرَّفُ عَنْ حَالِهِ، قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي وَهُوَ عَلَى رَأْسِ خَمْسِينَ فَرْسَخًا، فَبَعَثَ الْقَاضِي أَمِينًا عَلَى جُعْلٍ فَسَأَلَ الْمُعَدِّلَ عَنْ الشَّاهِدِ فَالْجُعْلُ عَلَى مَنْ قَالَ: عَلَى الْمُدَّعِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ عَنْ الشَّاهِدِ رَجُلًا لَهُ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ مَالٌ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ مُفْلِسًا فَلَّسَهُ الْقَاضِي أَوْ مَيِّتًا أَقَامَ وَصِيُّهُ عَلَى غَيْرِهِ بَيِّنَةً، وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّاهِدُ إذَا كَانَ لَهُ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ مَالٌ وَإِنَّهُ مُفْلِسٌ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ لِهَذِهِ التُّهْمَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفْلِسًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَيَصِحُّ تَعْدِيلُهُ لِلشُّهُودِ لِانْعِدَامِ هَذِهِ التُّهْمَةِ قَالَ: وَلَوْ أَنَّ غَرِيبًا نَزَلَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمٍ، وَشَهِدَ هَذَا الْغَرِيبُ عِنْدَ الْقَاضِي فِي حَادِثَةٍ فَسَأَلَهُمْ الْقَاضِي أَوْ الْمُعَدِّلُ عَنْ حَالِهِ وَقَدْ عَرَفُوهُ بِالصَّلَاحِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَا يُسْقِطُ عَدَالَتَهُ هَلْ يَسَعُهُمْ أَنْ يُعَدِّلُوهُ؟ كَانَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا يَقُولُ: إنْ مَكَثَ بَيْنَهُمْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَعْرِفُوا مِنْهُ إلَّا الصَّلَاحَ وَسِعَهُمْ أَنْ يُعَدِّلُوهُ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُعَدِّلُوهُ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: إذَا مَكَثَ بَيْنَهُمْ سَنَةً وَلَمْ يَعْرِفُوا مِنْهُ إلَّا الصَّلَاحَ جَازَ لَهُمْ أَنْ يُعَدِّلُوهُ وَمَا لَا فَلَا وَفِي الصُّغْرَى وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ عَلَى قَدْرِ مَا يَقَعُ فِي الْقَلْبِ صَلَاحُهُ.

وَرَوَى إبْرَاهِيمُ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ وَقَّتَ فِي التَّزْكِيَةِ فَهُوَ مُخْطِئٌ وَهَذَا عَلَى مَا وَقَعَ فِي الْقَلْبِ رُبَّمَا يَعْرِفُ رَجُلٌ الرَّجُلَ فِي شَهْرَيْنِ، وَآخَرُ لَا يُعْرَفُ فِي سَنَةٍ وَهَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ بِالْفِقْهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَلِكَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا أُوَقِّتُ فِيهِ وَقْتًا، وَهُوَ عَلَى مَا يَقَعُ فِي قُلُوبِهِمْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَنَّ صَبِيًّا بَلَغَ وَشَهِدَ بِشَهَادَةٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ هَذَا الْغَرِيبِ الَّذِي نَزَلَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمٍ لَا يُعَدِّلُونَهُ حَتَّى يَظْهَرَ عِنْدَهُمْ صَلَاحُهُ وَعَدَالَتُهُ، وَالْمُدَّةُ الَّتِي يَظْهَرُ فِيهَا حَالُهُ عِنْدَهُمْ مُقَدَّرَةٌ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا بَيَّنَّا وَلَا تُقَدَّرُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَلْ هِيَ عَلَى مَا يَقَعُ فِي الْقَلْبِ وَلَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا أَسْلَمَ ثُمَّ شَهِدَ فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي عَرَفَهُ عَدْلًا فِي النَّصْرَانِيَّةِ، يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ وَلَا يَتَأَنَّى وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِالْعَدَالَةِ يَسْأَلُ مِمَّنْ عَرَفَهُ بِالْعَدَالَةِ فِي النَّصْرَانِيَّةِ وَيَسَعُهُ أَنْ يُعَدِّلَهُ مِنْ غَيْرِ تَأَنٍّ.

وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: الصَّبِيُّ إذَا رَاهَقَ الْحُلُمَ وَلَمْ يَزَلْ رَشِيدًا حَتَّى بَلَغَ

<<  <  ج: ص:  >  >>